التي لا يتأتَّى للعقل أن يَلِجَ ميادينَها، أو يقتحمَ حِماها، أو يُدليَ فيها برأيٍ يتَّفقُ علي الناس، وهذه الميادينُ هي الدين، والدينُ ليس رأيًا بشريًّا، إنه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، وكلُّ موقفٍ من الشخصيةِ البشريةِ تُجاهَ النصِّ سوى موقفِ السجودِ له: إنما هو موقفٌ لتبديلِ الدينِ مِن أن يكون إِلهيًا إلى أن يكونَ بشريًّا، ولو كان يستقيمُ الأمرُ على ذلك، لَمَا كان هناك مِن حاجةٍ إلى الدين.
° يَروي أبو داود والدَّارَقُطْنِيُّ عن سيِّدنا عليٍّ - رضي الله عنه - قال:"لو كان الدينُ بالرأيِ، لكان أسفَلُ الخُفِّ أولى بالمسحِ من أعلاه، لقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمسحُ على ظاهِرِ خُفيهِ" .. "أثر صحيح".
إن الدينَ ليس رأيًا، وليس بالرأي، وانظر إلى الحديث التالي، إنه مُعبِّرٌ أقوى ما يكونُ التعبير، دقيقٌ في مغزاه دِقةً بالغةً:
• عن البَرَاءِ بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتيتَ مَضْجَعَك، فتوضَّأ وُضوءَكَ للصلاة، ثم اضطَجِعْ على شقِّكَ الأيمن، ثم قُلْ: "اللَّهم إني أسلمتُ نفسي إليك، ووجَّهتُ وجهي إليكَ، وفوَّضتُ أمري إليك، وألجأتُ ظَهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا مَلجأَ ولا مَنْجَا منك إلاَّ إليك، آمنتُ بكتابك الذي أنزلتَ، ونبيِّك الذي أرسلتَ"، فإن مِتَّ في ليلتِك، فأنت على الفِطرةَ، واجعَلهُنَّ آخِرَ ما تتكلَّمُ به".
° البراء - رضي الله عنه -: "فرَدَدْتُها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا بلغتُ: "آمنتُ بكتابك الذي أنزلتَ" قلت: "ورسولك، قال:"لا .. ونبيِّك الذي أرسلت"(١).