زاد البخاري والترمذي:"فإن مِتَّ في ليلتِكَ، مِتَّ على الفِطرة، وإنْ أصبحتَ أصبتَ خيرًا".
إن الصحابيَّ الجليل البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال:"رسولك" بدلَ أن يقول: "نبيك"، وكلمة "رسول" تتضمَّنُ معنى النبوة، فهي إذن فيها المعنى وزيادة، ويحسب منطقِنا، وبحسب عَقلِنا تكونُ صالحةً .. ولكننا لا نَرى بعقلِنا ومنطقِنا إلاَّ الشكلَ والظاهرَ .. أمَّا بواطن الأمور، أمَّا أسرارُ الكلمات، أمَّا حِكمةُ الأوضاع المحدَّدة، أمَّا اكتِناُه خفايا التقديراتِ الإلهية، إنَّ كلَّ ذلك -إذا لَم يَكشِفِ اللهُ عنه، أو عن بعضِه-، فإننا لا نَصِلُ إليه بمنطقِ البشر، ولقد أخطأ البراء بنُ عازبٍ - رضي الله عنه - في استبدالِ كلمةِ "رسول" بكلمةِ "نبي"، وأخطأنا معه حينما قَدَّرنا بعقولنا أن هذا البَدَلَ يصحُّ.
* واكِتناهُ سرِّ هذا القَدَرِ اكتناهًا تامًّا لا يَصِلُ إليه الإنسانُ، بل لا تَصِلُ إليه الملائكة {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة:٣١ - ٣٢].
إن العلمَ الصحيحَ الصادقَ في عالَمِ الهداية الإلهيةِ والتربيةِ الربانية، إنما هو مِن الله سبحانه، وكل ابتعادٍ عنه أو خروجٍ عليه أو تغييرٍ فيه، إنما هو ضلال.
وما من شكٍّ في أن الإنسانَ منذ أن وُجد على ظَهرِ الأرض: يُحاولُ أن يَنزعَ نزعةً بشريةً بَحتةً، ويتصرَّفُ في الوحيِ الإلهيِّ نقصًا وزيادةً، وبَتْرًا