وإضافةً، وتغييرًا وتبديلاً، ويُحاولُ أن يُقيمَ كلَّ ذلك على قواعدَ يزعمُها صحيحةً، فيقول مثلاً:
- إنَّ الحكمةَ في تحريمِ شُربِ الخمر، إنما هي المفاسدُ التي تنشأُ من الشخصِ الشارب، فإذا ما انتَفَتْ تلك المفاسدُ، فلا مانعَ من شُربِ الخمر.
- والتكاليفُ الدينية: إنما جاءت لإصلاحِ الضمير، فإذا كان الضميرُ صالحًا فلا لزومَ للتكاليف الدينية.
- وأعمالُ العبادةِ إنما هدفُها القربُ من الله، فإذا حَصَل القربُ، فلا حاجةَ إليها .. إلخ.
وهكذا يخرجُ الإنسانُ بأهوائه، ولا نقولُ: بعقله -لأنَّ كلَّ ذلك أهواءٌ يُصوِّرُها الشيطانُ مَنطقًا معقولاً -عن الدين، كما خرج إبليسُ قديمًا -بأهوائه التي تمثَّلت لذهنِه منطقًا- عن الدين.
والإمامُ الغزَّاليُّ - رضى الله عنه - يُمثِّلُ لذلك بمثالٍ مُعبِّرٍ، فيَذكرُ قصةَ رجلٍ بَنى له أبوه قصرًا على رأسِ جبل، ووَضَع فيه شجرةً من حشيشٍ طيِّبِ الرائحة، وأكَّد الوصيةَ على ولدِه مرةً بعد أخرى، ألاَّ يُخلِيَ هذا القصرَ عن هذا الحشيشِ طوالَ عمره، وقال:"إياكَ أن تسكنَ هذا القصرَ ساعةً من ليلٍ أو نهار إلاَّ وهذا الحشيشُ فيه"، فزَرع الولدُ حولَ القصرِ أنواعًا من الرياحين؛ وطَلَب من البَرِّ والبحرِ أوتادًا من العُودِ والعنبر والمِسك، وجَمَع في قَصرِه جميعَ ذلك من شجراتٍ كثيرةٍ من الرياحين الطيبةِ الرائحة، فانغمرت رائحةُ الحشيش لَمَّا فاحت هذه الروائح، فقال:"لا شكَّ أن والدي ما أوصاني بحفظِ هذا الحشيشِ إلاَّ لطِيبِ رائحتِه، والآن قد استغنينا بهذه الرياحينِ عن رائحته، فلا فائدةَ فيه الآن، إلاَّ أن يُضيِّقَ على المكان" .. فرماه من القصر.