نابتةٌ من الزنادقة الملحِدين في آياتِ الله، أو الصادِّين عن دين الله، قد سَلَكوا في الدعوة إلى الكفر والإلحاد شِعَابًا جُدُدًا، وللتشكيك في الدين طرائِقَ قِدَدًا؛ يزعمون للعِلم معنًى، إنْ لم يكن بعضُه في العلم، فأكثره في الجهل.
جاؤونا في أسماء العلماء، ولكن بأفعالِ أهل الجهل، وكانوا في العلم كالنبات الذي خَبُث، وإنَّك لن تجدَ سيماهم إلاَّ في أخلاقهم، فتعَرَّفهم بهذه الأخلاق، فستُنكِرْهم جميعًا، ولتعلَمَنَّ عليهم كل سُوءٍ، ولترينَهم حَشَوا أجسامهم طينًا وحماةً، في زَعْم كَذِبٍ يُسمي لك الطينَ "طِيبًا"، والحَمأة "مِسْكًا"!، ولَتَجِدَنَّ أحدهم وما في السِّفْلَةِ أسفلُ منه شهواتٍ ونزعات، وإنه مع ذلك ليُزَوَّرُ لك ويُلَبِّسُ عليك، فما فيه من لونٍ عندك يَعيبه إلاَّ هو عندَه تحتَ لوْنٍ يَزينه، ولا رزيلة تُقبِّحه إلاَّ هي في معنى فضيلةٍ تجملِه، فخذْ منه الكَذِبَ في فلسفةِ المنفَعة، والتسفُّلَ في شعاعة الغريزة، والوقاحةَ في زَعْم الحُرِيَّة، والخطأَ في عِلَّة الرأي، والإلحادَ في حُجَّة العلم، وفسادَ الطبيعة في دعوى الرجوع إلى الطبيعة .. وبالجملة: خذْ فِعالَهم فسَمِّهَا غيرَ أسمائها، وانحَلْها غيرَ صفاتِها، واكذبْ بالألفاظ على المعاني، وقُلْ: علماءُ ومُصلِحون، وأنت تعني ما شئت إلاَّ حقيقةَ العلم والإصلاح!!.
° أيتها الحصاة، ما يَسخرُ منكِ الساخرُ بأكثر من أن يَجلُوَكِ على الناس في عُلبةِ جوهرة.
يذهبُ أين ذهب، وشُعلةُ الجحيم العلميَّة تدورُ في رأسه تهفو من هنا وهناك، لا يَصلحُ إلاَّ على إفسادِ الحياة، ولا يقوَى إلاَّ على إِضعافِ القوي،