صِحَّةُ ذلك فعليه أن يَستوعبَ وحيُ اللهِ إليه، ويستخدمَ العقلَ الذي وَهَبه اللهُ إيَّاه في فهم وتدبُّرِ الوحي.
والوحيُ مع العقل كنُورِ الشمسِ أو الضوءِ مع العين، فإذا حُجِب الوحيُ عن العقلِ لم يَنتفع الإنسانُ بعَقلِه، كما أن المُبْصِرَ لا ينتفعُ بعَينه إذا عاش في ظُلمةٍ، فإذا أشرَقَت الشمس، وانتَشر ضوؤُها انتَفع بناظِرَيْه، وكذلك أصحابُ العقول إذا أشرقَ الوحيُ على عُقولِهم وقلوبِهم أبصرت واهتَدت {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: ٤٦](١) أ. هـ.
٩ - يقول الدكتور عبد الحليم محمود في كتابه "الإسلام والعقل" عن "خلفاء إبليس": "وإنَّ مِن أحدثِ اختراعاتِ إبليسَ في هذا الزمنِ الحاضرِ إنما هو المذهبُ المسمَّى بالوجودية: وهو مذهبٌ يدعو كلَّ إنسانٍ لأن يُحقِّقَ وجودَه حسبما يَرى وتبعًا لما يريد، غيرَ متقيِّدٍ بعُرفٍ، ولا عاداتٍ، ولا تقاليدَ، ولا دِينٍ، ولا أوضاع أيًّا كانت، وهو إذن يَهدِمُ نفسَه بنفسِه، لأِنه لا يقومُ على أُسسٍ ثابتةٍ، ولا ينتهي إلى مبادئَ حقيقيةٍ، وأحسنُ تشَبيهٍ للوجودي هو ما قاله أحدُ كِبارِ الكتاب الغربيين: "إن الوجوديَّ مَثَلُه كَمَثل الكلب الذي يَجري دائرًا حولَ نفسِه ليُمسِكَ بذَنَبِه، فلا هو يُدرِكُ ذَنَبَه ولا هو يقفُ عن الجَريِ، وهي لُعبةٌ يلعبُها الكلاب، حينما يجدون الفراغَ فيَلهَون بما لا نتيجةَ له".
على أن هذا المذهبَ الوجوديَّ قديمٌ، إذ إنه المذهبُ السوفسطائيُّ