هَلْ رَأوا إلاَّ كلاماً تضيء ألفاظُه كالمصابيح، فعَصَفوا عليه بأفواههم كما تَعَصِفُ الريح، يُريدون أن يُطفؤوا نورَ الله، وأين سراج النجم من نفخةٍ ترتفعُ إليه؛ كأنما تذهب تطفيه؟! ونور القمر من كف يَحسب صاحبها أنها في حجْمِه، فيرفعها كأنما يخفيه؟! وهيهات هيهات؛ دون ذلك دَرْج الشمس -وهي أمُّ الحياة- في كفَنٍ، وإنزالُها بالأيدي -وهي روح النار- في قبرٍ من كهوفِ الزمن .. لا جَرَمَ أن القرآنَ سِرّ السماء؛ فهو نور الله في أفق الدنيا حتى تزول، ومعنى الخلود في دولة الأرض إلى أن تدول، وكذلك تمادى العربُ في طغيانهم يَعمهون، وظَلَّت آياتُه تلْقَفُ ما يأفِكون، فوقع الحقّ وبطل ما كانوا يعملون" (١).