فالاعتذارُ يَنزعُ فَتيلَ أزمةٍ تكادُ أن تقعَ بسببِ ذلك الخطأ.
والأزمةُ ورَدُّ الفعل يقعُ من شعورِ المخطئِ عليه بالإهانةِ التي لَحِقت به، فيسعى في ردِّ الاعتبار وإزالةِ التشويه، وذلك بتقريرِ المخطىِء بخطئه، أو بطريقٍ آخَرَ هو الردُّ بالمِثل، فإنْ لم يَنْجَحْ لَجَأَ إلى التصادم ورَدِّ الاعتبار بالقوة، ومِن هنا تتدخَّلُ أطرافٌ أخرى لِمَنع مثل هذا التصادم.
وفي حالةِ تصريح البابا، فإنه تسَّببَ في الطعنِ في الإسلام والمسلمين، وتشويهِ الصورة، وفَتْح بابٍ -مفتوح أصلاً- للتصادمِ بين الإسلام والمسيحية، أو المسلمين والمسيحيين.
وهنا نفهمُ لِمَ تصدَّتْ كلُّ هذه القوى الإسلامية للرد؟ إنهم يقصدون: رَدَّ الاعتبار، وإزالةَ التشويهِ الذي لَحِقَ بالإسلام والمسلمين، ومَنْعَ التصادمِ بين الحضارةِ الإسلاميةِ والمسيحية، ولأجلها طالبوا بالاعتذار، فكان الاعتذارُ وسيلتَهم الوحيدة -تقريبًا- في تحصيلِ هذه المقاصد.
لكنْ ألَمْ يكن ثَمَّةَ وسيلةٌ أخرى لتحصيل هذه المقاصد؟!.
وبصورةٍ أخرى: هل كانت وسيلةُ الاعتذار هي الوسيلةُ المثلى، التي لا تَحمِلُ معها اْيَّةَ آثارٍ سلبية؟.
في هذا التساؤل إثارةٌ لمسألةِ سلبيةِ الاعتذار، أو لِنَقل المُحتوى الآخَرِ للاعتذار غيرَ ما ذُكر، فإن للاعتذار وجهًا آخَرَ غيرَ تلك التي ذُكِرَتْ في المقاصد، أُغفِلت، فلم يذكرْها إلاَّ القليل، وهي:
- أن على الطرفَينِ ألاَّ يبادرَا بأيِّ فعل فيه نقدٌ وطعنٌ تُجاهَ الآخر، وهكذا يستطيعُ كلُّ طَرَفٍ أن يُحاجَّ الآخَرَ، إن هو بادَرَ بنَقدٍ أو طعن، بأنه