للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَج عن القاعدةِ والأصل، وعليه أن يَعتذر.

وفي حالةِ تصريح البابا، فإن مطالَبَته بالاعتذارِ يحتوي ضِمنًا التعهُّدَ بعدمِ الطعنِ والنقدِ في المسيحية، فلا يَنتقدُ المسلمون النصرانية، ولا يتكلمون في بطلانها، وتحريفِ كتابها، ومصادمتِها للمعقول.

مع أن هذا النقدَ أمرٌ من صميم دينِ الإسلام، وصميمٍ الواجباتِ على المسلمين، لبيانِ الحق، والدعوةِ إليه، ودَحضِ الباطل المُبين، وعليه دَرَجَ العلماءُ حينما ألَّفوا في بطلانِ النصرانية، كابنِ حزمٍ، وابنِ تيمية، وابنِ القيم، ومِن المعاصرين: رحمت الله الهندي، وأبو زهرة.

فهذا هو الأساسُ الذي بُنيت عليه فِكرةُ الاعتذار، سكوتُ كلِّ طرفٍ عن الآخر، من مبدأِ التساوي، وبه يمكنُ للمسيحيين أن يكفُّوا، وأن يطالِبوا المسلمين بالمِثل، لكنْ إذا كان نهجُ الإسلام هو الردَّ ونقضَ النصرانية، واتهامَها بمخالفةِ المعقولِ والمنقول، فإن ذلك يُضعِفُ موقفَ المطالبين بالاعتذار، فهل كان هؤلاء مُدرِكين لمثلِ هذه النتيجة؟ أم أنهم مُستعدُّون للكفِّ عن نَقدِ النصرانية؟.

إن كانوا غيرَ مُدرِكين، فعليهم أن يُدركوا.

وإن كانوا مُدرِكين، وهم مستعدُّون للكفِّ وعدمِ الخوض في بطلانِ النصرانية، فتلك هي الداهية!!.

ويُسأل عن سببها: هل هو إيمانٌ بفِكرةِ "وحدةِ الأديان"، أم شعورٌ بالضعف؟.

أما وحدةُ الأديان، فنُبِّرؤُهم منها، ونُعيذهم، لكنا ذكَّرنا بها؛ لأن موقفَهم يَنسجمُ تمامًا مع فكرةِ "وحدة الأديان"، التي تقومُ على اعتبارِ صحَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>