للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَايةَ كاملةً حتى يَنجليَ المعنى، فلا تعارض بين قوله سبحانه وتعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، وبين أمرِه سبحانه وتعالى بالجهادِ في سبيل الله، قضيَّتانِ متداخلتانِ تُكمِلانِ المعنى والصورةَ لتكونَ جُزءً من نهجٍ واحدٍ متماسك.

فـ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} تعني: أن اللهَ لا يَقبلُ من أحدٍ إيمانًا لم يكن نابعًا من قلبِه متيقِّنًا منه، فعلى الإنسانِ أن يَستمعَ للدعوةِ إلى الإيمانِ الحق، إلى الإسلام، ثمَّ عليه أن يفكِّرَ، ثمَ عليه أن يُقرِّرَ هو بنفسه -آمَنَ أم لم يؤمن-، ثم ليتحمَّل هو مسؤوليةَ قراره، ولكنَّ المشكلةَ هنا أنه يجبُ أن تَبْلُغَه الدعوةُ واضحةً جليَّةً ليفكِّرَ، وأن يُفسَحَ المجال للإِنسانِ لِيستمعَ ثمَّ ليفكِّر، ثمَّ ليقرِّر، ثمَّ ليتحمَّلَ مسؤوليةَ قراره، ولكلِّ قرارٍ نتيجة: فلو قرَّر الكفرَ فمصيره إلى النار، وإن قرَّر الإيمان فمصيرُه إلى الجنَّة.

* وحينَ حَمَّل الله الإنسانَ مسؤوليةَ الإيمانِ أو عَدَمِه، وَفَّر له جميعَ الإمكاناتِ التي تعينه على اتخاذِ قرارِ الإيمانِ لِينجوَ عند الله، واسَتمعْ إلى آياتِ الله البيِّنات: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (٢٩) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (٣١)} [الكهف: ٢٩ - ٣١].

ولذلك كان من أهم القضايا التي يؤكِّدُها القرآنُ الكريمُ: أَمْر الله

<<  <  ج: ص:  >  >>