انتَشرت منذ ذلك الوقتِ القَصصُ الأسطورية المختلقةُ التي تتعمَّدُ إهانةَ النبي، أو التشكيكِ في نبوتِه أو دعوتِه، أو استحقاقِه للاحترام والتقدير، وقد نُشرت على نطاقٍ واسع في أوروبا الحكايةُ الأسطورية القائلةُ: إن محمدًا قد دَرَّب الحمامةَ لتنقرَ حُبوبَ القمح من أُذنه، وبذلك أَقنع العَرَبَ، أن تلك الحمامةَ هي رسول الروح القدس، الذي كان يبلِّغُه الوحيَ الإلهيَّ، وعُمِّمت هذه الحكاية المُختَلَقَةُ إلى درجةِ أن الشاعرَ الإنجليزي "جون ليدهيت" -وهو من شعراءِ القرنِ الخامسَ عَشَرَ- عندما وَضع سيرةً لحياةِ محمد، سمَّى لون تلك الحمامة "حليبًا- أبيض" (١).
كما رَدَّد هذه القصةَ المضحكةَ مؤرِّخون أوروبيون .. بل إننا نقرأُ عن شكسبير ذاته في "هندي الرابع، الفصل الأول، المشهد الثاني" كيف أن المَلِكَ "كارل الثاني" يَتوجَّهُ إلى "جان دارك" صارخًا: "ألم تُلهِمِ الحمامةُ محمدًا؟ .. أما أنت فإن النَّسرَ ربما ألهمك! ".
كما كانت الصورُ النمطيةُ تؤكِّدُ أن الإسلامَ دينٌ يدعو إلى الشهوانية، وأن نبيَّه يجتذبُ الناسَ إلى دعوته من خلالِ ذلك، وجرى التركيزُ على وصفِ أن الإسلام هو دين البسطاء ومتوسِّطي الذكاء، وهو وصفٌ لا يزالُ يتكررُ في أدبياتِ الغربِ المعاصرة، فمثلاً يؤكد "توما الأكويني" المزاعمَ القائلةَ: إن محمدًا أغوى كثيرًا من الشعوب للدخول في عقيدته، مِن خلال تشجيعِه إياهم على الحصولِ على الملذَّاتِ والشهواتِ الحِسِّية، وعن طريقِ