ذِكرُ محمد وعلا، ونحن نشهدُ اليومَ مِصداقَ هذا القولِ الكريم، في صورةٍ باهرة، واسعةِ المدى كما لم يَشهَدْه سامِعوه الأوَّلون.
إن الإيمانَ والحق والخيرَ الذي جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - من عند ربِّه لا يمكن أن يكونَ أبتر، فهو ممتدُّ الفروع عميقُ الجذور، وإنما الكفرُ والباطلُ والشر هو الأبتر مهما ترعرع وزَهَا وتَجبَّر.
إن مقاييسَ الله غيرُ مقاييس البشر، ولكنَّ البشرَ ينخدعون ويغترُّون فيَحْسَبون مقاييَسهم هي التي تقرر حقائقَ الأمور! وأمامَنا هذا المَثَلُ الناطق الخالد.
فأين الذين كانوا يقولون عن محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - قولتهم اللئيمة، وينالون بها من قلوبِ الرعاع أتباع كلّ ناعق، ويَحسبون أنهم قد قضَوا على محمد - صلى الله عليه وسلم - وقطعوا عليه الطريق، أين هم؟ وأين ذِكراهم؟ وأين آثارُهم؟ إلى جوارِ الكوثر من كلِّ شيء، ذلك الذي أوتيه مَن كانوا يقولون عنه: الأبتر؟!.
إنَّ الدعوةَ إلى الله والحقِّ والخيرِ لا يمكنُ أن تكونَ بتراءَ، ولا يمكن أن يكونَ صاحبُها أبتر، وكيف وهي موصولةٌ بالله الحيِّ الباقي الأزَليِّ الخالد؟ إنما يُبترُ الكفرُ والباطلُ والشرُّ ويُبتَرُ أهلُه، مهما بدا في لحظةٍ من اللحظات أنه طويلُ الأجل ممتدُّ الجذور.