يَستطيعون إرشادَنا إلى ما نطلبُ إليهم أن يُرشِدونا إليه".
° ثم تحكي "كوليت جانسون" مؤلِّفة كتاب "الجزائر الثائرة" فتقول: "وتَصِلُ الحالُ على هذا المنوال حتى عام ١٨٤٥ م، إذْ تبلغ الهَمَجِيَّةُ شأوها، وتَندثُر المُثُلُ الإنسانية وتتلاشى، ويَجتاجُ الجزائَر لَونٌ جديدٌ من ألوان البربريَّة، والخِسَّة، والإجرام، والوحشيَّةِ في حقِّ المسلمين العزَّل.
ففي ذلك العام أدخِل نظامُ "الإبادة" للقضاءِ على الشعبِ الجزائري، "طريقة جهنم"، وما أدراك ما جهنم!!
وقد نشأت هذه الطريقة -أولَ ما نشأت- عن مَحضِ الصُّدْفة، ولكن سَرعانَ ما أصبحت نظامًا من أنظمةِ الجيش المعمولِ بها في مهمَّتِه ضدَّ المسلمين.
ففي يونيو (١٨٤٥) كانت قبيلةُ "أولاد الرياح" قد تَلَقَّتْ من القائدِ الفرنسي أمرًا بالتسليم، ولكنَّ القبيلةَ بدلاً من الامتثالِ للأمرِ، لاذتْ بالفرارِ إلى المغاوِرِ والكهوف لتستأنفَ الجهادَ والمقاومة، فلما ضَيَّق القائدُ "بليسيه" الخناقَ على أفرادِ القبيلة، وهم في بطن أحدِ الكهوف، واشتَرطوا عليه سَحْبَ القوَّاتِ الصليبيةِ ليَخرجوا إليه، رفض هذا الشرط، وقرَّر أن يَصُبَّ عليهمِ نارَ جهنم؛ لِيَصْلَوها سعيرًا، وأَنَّى للقلم أن يَصفَ هذا المشهدَ الجبَّارَ العاتي؛ فالقواتُ الفرنسية تتقدَّمُ تحتَ جُنْح اليل البهيم صَوْبَ فجوةِ
الكهف يَسُدُّونها بالمتاريس، ثم يقذفون النارَ بداخلها ويُشعلونها من حولها، وهؤلاء هم المسلمون المعتصِمون في جوفِ الكهف، تنطلق منهم الأنَّاتُ والصرخاتُ، فتَصُمُّ الآذان، وتولوِلُ النساء، ويَصرخُ الأطفال،