في هذا الأمر غيرَ الذي فعلته بالناس في جاهلية المشركين العرب، وجاهليةِ المشركين الإغريق، وجاهليةِ المشركين الرومان، وجاهليةِ المشركين الفرس، وجاهليةِ المشركين في كل زمانٍ وكل مكان؟!.
ماذا تصنعُ الجاهليةُ الحاضرة بالناس إلاَّ أن تُعريهم من اللباس، وتُعريهم من التقوى والحياء؛ ثم تدَّعي أنَّ هذا رُقيُّ وحضارةٌ وتجديد، ثم تُعيِّر الكاسياتِ من الحرائرِ العفيفات المسلمات، بأنهن رجعيات .. تقليديات .. ريفيات.
المَسخُ هو المسخ، والانتكاسُ عن الفطرة هو الانتكاس، وانقلابُ الموازين هو انقلاب الموازين، والتبجُّحُ بعد ذلك هو التبجح، {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}[الذاريات: ٥٣].
وما الفَرقُ كذلك في علاقةِ هذا العُريِ، وهذا الانتكاسِ، وهذه البهيميةِ، وهذا التبجُّع، بالشرك، وبالأربابِ التي تَشرعُ للناس من دون الله؟.
لئن كان مُشركو العرب قد تلقَّوا في شأنِ ذلك التعرِّي من الأرباب الأرضية، التي تستغل جهالتهم، وتستخف بعقولهم لضمانِ السيادةِ لها في الجزيرة؛ فإنَّ مُشركي اليوم ومشركاتهِ يتلقَّون في هذا عن الأربابِ الأرضيةِ كذلك، ولا يَملِكون لأمرهم ردًّا.
° إن بيوتَ الأزياءِ ومُصمميها وأساتذةَ التجميل ودكاكينَها، لهي الأربابُ التي تَكمُنُ وراءَ هذ الخَبَل الذي لا تُفيقُ منه نساءُ الجاهليةِ الحاضرة، ولا رجالُها كذلك.