فيها الإيمانَ بالإلهِ الواحدِ الحق رُوحًا جديدة- ما لبثت أن قامت بسلسلةٍ من الفتوحات تعتبر واحدةً من أكثرها مَدْعاةً للدهشةِ في تاريخ البشرية، وعلى الرغم مِن أن القوةَ العدديةَ للعرب في مَيدانِ المعركةِ لا يمكنُ أن تكونَ مَحل مقارنةٍ مع القوةِ العدديةِ الهائلةِ لخصومهم، فإن أولئك العربَ المتحمِّسينَ سَرعانَ ما فَتحوا كلَّ بلاد ما بين النَهرين وسوريا وفلسطين، وفي عام ٦٤٢ كانت مصر قد انتُزعت من قبضة الإمبراطورية البيزنطية، بينما تم سَحقُ الجيوشِ الفارسيةِ في المعارك الحاسمة: في "القادسية" عام ٦٣٧، و"نهاوند" عام ٦٤٢.
لكنَّ هذه الفتوحاتِ العظيمةَ -التي تمَت تحتَ قيادةِ صاحِبَيْ محمدٍ الحميمَينِ وخليفتَيهِ المباشِرَينِ، وهما أبو بكر وعمرُ بن الخطاب- لم تكن هذه الفتوحاتُ نهايةً لزحفِ العرب، ففي عام ٧١١ اكتَسحت الجيوش العربيةُ شَمالَ إفريقيا بالكامل حتى وصلت إلى المحيطِ الأطلسي، ومِن هناك استدارت شَمالاً، فعَبَرت مَضِيقَ جبل طارق، ثم سَحقت مملكة "القوط الغربيين" في أسبانيا، ولقد بَدا آنَذَاك أنَّ المسلمين على وَشَك أن يَسحقوا أوربا المسيحيةَ بالكامل، ولكنْ أخيرًا -وفي عام ٧٣٢ - هَزم الفرنجةُ جيشًا إِسلاميًّا كان قد زَحف إلى قلبِ فرنسا، وذلك في معركة "بواتيه" الشهيرة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن أولئك البَدْوَ القبَلِيِّين اِلذين نَفَخت فيهم كلمات النبي روحًا جديدةً، قد استطاعوا خلالَ أقلَّ مِن قَرنٍ من الحرب أن يُقيموا إمبراطوريةً تمتدُّ مِن حدودِ الهندِ إلى المحيطِ الأطلسي، وكانت أكبَرَ