للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ننازِلَه وإياك في ذلك حتى يَهلِكَ أحدُ الفريقين".

ونستدلُّ من هذا الموقف أن محمدًا لم يتنازَلْ عن مُحاربةِ آلهةِ قريش، بل إن قريشًا عَرضت عليه أن يكونَ مَلِكًا عليهم، وأن يَجعلوه أكثرَهم ثروةً مقابلَ التنازلِ عن دينِه، فقال: "واللهِ لو وَضعوا الشمسَ في يميني، والقمرَ فِيِ شِمالي، على أن أتركَ هذا الأمرَ ما تركتُه حتى يُظهِرَه اللهُ أو أهلِكَ دونه" .. ".

° بهذا المنطق تُدافع "كارين أرمسترونج" عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتَكشِفُ عدمَ صحَّةِ هذه الرواية التي أقام عليها "سلمان رشدي" كتابَه، وهي تفعلُ ذلك من مُنطلِق البحثِ العلميِّ النزيه، فهي ليست مسلمةً، ولا صِلَةَ لها بالدولِ الإسلامية، ولكنها قرأت كلَّ ما كُتب عن سيرةِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعقليةٍ ناقدة، وكَتبت عن الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - بمنهجٍ علميٍّ مدقِّقٍ لا يَخضعُ لأحكامٍ مُسبَقةٍ، وهي تُسجِّلُ بموضوعيةٍ نجاحَ المشروعِ الإِسلاميِّ بعد وفاةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - كدليلٍ على صِدقِ الرسالة، وتتحدَّثُ عن الرُّوحانيةِ التي أسَّسها دون أن يَعتزلَ الحياة، ولم يَنتظرْ إلى حين حلولِ عالمٍ يخلو من الشرورِ والصراعات، وسَعى إلى إقامةِ مجتمعِه المثاليِّ في المدينة، واحتَذى المسلمون حَذْوَه منذ البداية.

• وتُسجِّل "كارين أرمسترونج" مشاعرَ الحبِّ الجارفِ لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - لدى المسلمين، ومع ذلك فإنهم يؤكِّدون أنه لم يكنْ إلاَّ رجلاً، ولم يكنْ إلهًا أو ملاكًا، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هو الذي قال عن نفسه: "إنْ أنا إلاَّ ابنُ امرأةٍ كانت تأكلُ القَدِيدَ في مكة"، وذلك حرصًا منه على تأكيدِ طبيعتِه كإنسان، وبذلك أصبحت حياةُ محمدٍ آيةً من الآياتِ في العالَم التي يدعو القرآنُ المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>