للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

° إن سبَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - جنايةٌ لها موقعٌ يزيدُ على عامةِ الجنايات، بحيثُ يَستحقُّ صاحبُها مع العقوبة ما لا يستحقُّه غيرُه -وإن كان كافرًا حربيًّا مبالِغًا في محاربة المسلمين-، وإن وجوبَ الانتصار ممن كان هذه حاله أمرٌ مؤكَّدٌ في الدين، والسَّعيُ في إهدارِ دمِه من أفضالِ الأعمال وأوجَبِها وأحَقِّهَا بالمسارعةِ إليه وابتغاءِ رضوان الله تعالى فيه، وأبلغُ الجهادِ الذي كَتبه الله على عباده وفَرَضه عليهم، ومَن تأمَّل الذين أهدَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - دماءَهمِ يومَ "الفتح"، واشتدَّ غَضَبَه عليهم حتى قَتل بَعضَهم في نفسِ الحَرَم وأعرَض عن بعضِهم، وانتَظر قَتْلَ بعضِهم، وَجَدَ لهم جرائمَ زائدةً على الكفر والحراب من ردَّة وقتل ونحو ذلك، وجُرْم أكثرِهم إنما كان مِن سبِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأذاه بألسنتهم، فأيُّ دليل أوضح من هذا؟!.

° ومما يدلُّ على أن السَّبِّ كان جنايةً زائدةً على كونه كفرًا وحرابًا -وإن كان متضمِّنًا لذلك- أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد كان يعفو عمَّن يؤذيه من المنافقين، وقد كان له أن يقتلَهم، ولو كان السَّبِّ مجرَّد رِدَّةً لَوجب قتلُه، كالمرتدِّ يجبُ قتلُه، فعُلِم أنه قد يُغَلَّبُ في السَّبِّ حقُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بحيثُ يجوزُ له العفوُ عنه.

° ومما يدل على أن السَّبَّ جنايةٌ مُفرَدةٌ أن الذِّمِّي لَوْ سَبَّ واحدًا من المسلمين أو المعاهَدين ونَقَضَ العهد، لكان سَبُّ ذلك الرجلِ جنايةً عليه يستحقُّ بها من العقوبةِ ما لا يستحقُّه بمجردِ نقْضِ العهد، أفيكون سَبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دونَ سَبِّ واحِدٍ من البشر؟!.

° ومما يدلُّ على ذلك أن سابَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وشاتمَه يُؤْذيه شَتمُه وهجاؤُه

<<  <  ج: ص:  >  >>