* قال الله تعالى لما ذكر الغِيْبَة:{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات: ١٢].
فجَعل الغِيْبةَ -التي هي كلامٌ صحيحٌ- بمنزلةِ أكلِ لحمِ المغتابِ ميتًا، فكيف ببهتانه؟ وسَبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم -لا يكون قطُّ إلاَّ بهتانًا.
• وفي "الصحيحين" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لَعْنُ المؤمنِ كقتله"(١).
° وأيضًا، فإن ذلك يُؤذي جميعَ المؤمنين، وُيؤذي الله سبحانه وتعالى، ومجرَّدُ الكفرِ والمحاربةِ لا يَحصُلُ بهما مِن أذاه ما يَحصُلُ بالوقيعة في العِرْضَ مع المحاربة.
ودماءُ الأنبياء وأعْراضُهم أجَلُّ مِن دماءِ المؤمنين وأعراضِهم، فإذا كان دماءُ غيرهم وأعراضُهم لا تنْدَرجُ عقوبتُها في عقوبةِ مُجَرَّدِ نقضِ العهد، فأَنْ لا تَندرجَ عقوبةُ دمائِهم وأعراضِهم في عقوبةِ نقْضِ العهدِ بطريقِ الأوْلى.
° ومما يوضِّحُ ذلك أَنَّ سبَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَعَلَّق به عِدّةُ حقوق:
١ - حقُّ الله سبحانه، مِن حَيْثُ كَفَر برسوله وعادَى أفضل أوليائِه،
(١) من حديث ثابت بن الضحَّاك. رواه البخاري: في كتاب الأدب- باب ما ينهى عن السِّباب واللِّعان (١٠/ ٤٧٩ ح ٦٠٤٧) بلفظ: "ومَن لعن مؤمنًا فهو كقاتله"، وفي كتاب الأيمان والنذور- باب من حلف بِمِلَّةٍ سوى مِلَّة الإسلام (١١/ ٥٤٦ ح ٦٦٥٢)، ورواه مسلم: في كتاب الإيمان- باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه (١/ ١٠٤ ح ١١٠)، والترمذي: في كتاب الإيمان- باب ما جاء فيمن رمى أخاه بكفر (٥/ ٢٢ ح ٢٦٣٦) بلفظ: "لَاعِنُ المؤمن كقاتله"، وأحمد في "المسند" (٤/ ٣٣)، والدارمي في كتاب الديات- باب التشديد على مَن قتل نفسه (٢/ ٢٥٢ ح ٢٣٦١).