عمن أساء إليه، فإن هذا ليس إلى الأُمة، بل الأخذُ بحقِّه والغضبُ له واجبٌ شرعيٌّ لا يجوزُ أن يُمَسَّ أو يَتبرعَ أحدٌ بالتنازل عنه.
ومِن زاعم: أن المقاطعةَ مجردُ رد فعلٍ عاطفي، ولا يَنبغي أن تكونَ تصرُّفاتُنا مبنيةً على ردودِ الأفعالِ .. وهذا الزعمُ لا بد له من وقفةٍ تُبيِّنُ أهميةَ ردودِ الأفعالِ والتأصيل الشرعيِّ لها من خلال ما يلي:
* أمرُ الشارع بإِنكارِ المنكر مثالٌ واقعي لاعتبارِ ردودِ الأفعال في الشريعة:
• قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَأى مِنكُمْ منكَرًا فَليُغيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَم يَسْتَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلبِهِ، وَذَلكِ أضْعَفُ الإيمَانِ"(١).
فإنكارُ المنكر وتغييرُه باليد هو ردُّ فعلٍ على ظهورِ المنكر ورؤيته، وهو ردُّ فعلٍ أَمَر به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فليُغيِّرْه بيده"، وهو واجبًا بإجماع المسلمين -كما نقله النووي-.
* الغضبُ على انتهاكِ حرماتِ اللهِ صورةٌ من صورِ ردودِ الأفعال المأمور بها:
إذ من الغضبِ ما يكونُ محمودًا -بل ما يكونُ واجبًا-، وهو الغضبُ لله -عز وجل-، وقد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَغضبُ لنفسه، ولكن إذا انتُهكت حرماتُ الله لم يَقُمْ لغضبه شيء.
° فعَنْ عائشةَ - رضي الله عنه - قَالَتْ: "واللهِ ما انتَقَمَ رسولُ - صلى الله عليه وسلم - لنفسِهِ في شيءٍ