لَمسة من حَنان، ونسمةٌ من رحمة، وطائف من وُد، ويدٌ حانيةٌ تمسحُ على الآلام والمواجع، وتَنَسَّمُ بالرَّوْح والرضى والأمل، وتسكبُ البَرْدَ والطمأنينةَ واليقين .. كلُّها خالصةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، كلُّها نجاءٌ له من ربِّه، وتَسْرِيةٌ وتَسليةٌ وترويحٌ وتطمين، كلُّها أنسامٌ من الرحمة، وأنداءٌ من الوُدِّ، وألطافٌ من القربى، هَدْهَدةٌ للروحِ والخاطِر والقلب.
يُقسِمُ اللهُ سبحانه وتعالى بهذيْن الآنيْنِ الرائقيْنِ الموحيَيْن .. الضحى الرائق الصافي، والليلِ الساجي الذي يَرق ويسكنُ ويصفو، وتغشاه سحَابةٌ رقيقةٌ من الشجَى الشفيف، والتأمُّلِ الوديع .. أَشَفُّ آنَيْنِ تسري فيهما التأملات، وتتصل الرُّوحُ بالوجود، وخالقِ الوجود، وتُحِسُّ بعبادةِ الكون كلِّه لمبدِعِه، وتوجِّهُه لبارئه بالتسبيح والفرح والصفاءِ، ويعيشُ القلبُ في أُنسٍ من هذا الوجود الجميل الحيِّ.
ما تَرَكَكَ ربُّك مِن قبلُ أبدًا، وما قَلاك من قبلُ قطُّ، وما أخلاك مِن رحمته ورعايته وإيوائه .. ما انقطع عنك بِرُّه وما ينقطع أبدًا .. ألَا تجدُ مِصداقَ هذا في حياتك؟ ألا تُحِسُّ مسَّ هذا في قلبك؟ ألا ترى أثَرَ هذا في قلبك؟.
رحمته عليك سابغة، ورضاه يغمُرك .. هو رَاعيكَ وكافلُك، ما غاضَ مَعينُ فضلهِ وفيضُ بِرِّه.
* {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}:
إن لك عنده في الآخرة من الحُسْنى خيرًا مما يُعطيك منها في الدنيا.