للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}:

° قال بعض العلماء: "يعطيه في الدنيا مِن إتمام الدين وإعلاء كلمةِ الله، والنصر على الأعداء" (١).

° "إنه ليدَّخر لك ما يرضيك من التوفيق في دعوتك، وإزاحةِ العقبات من طريقك، وغلبةِ منهجك، وظهور حقك" (٢).

وليس بعد الرِّضى مطلب .. لَمَّا بيَّن أن الآخرةَ خير له - صلى الله عليه وسلم - من الأولى، ولكنه لم يُبيِّن أن ذلك التفاوتَ إلى أيِّ حدٍّ يكون، فبيَّن بهذه الآية مقدارَ ذلك التفاوت، وهو أن ينتهي إلى غايةِ ما يتمناه الرسولُ ويرتضيه - صلى الله عليه وسلم -.

والجمهور أنه في الآخرة، وقد فَصَّله في بعض المواضع، وأعظمها ما أشار إليه قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩]، وهو المقامُ الذي يَغبطه عليه الأوَّلون والآخِرون كما في حديث الشفاعة العظمى، حين يتخلى كلُّ نبيٍّ ويقول: "نفسي نفسي"، حتى يَصِلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "أنا لها أنا لها"، ومنها الحوضُ المورود، والكوثر، ومنها الوسيلة، وهي منزلةٌ رفيعةٌ عاليةٌ لا تنبغي إلاَّ لعبدٍ واحد، وإذا كانت لعبدٍ واحدٍ فمن يستقدم عليها، وإذا رجا ربَّه أن تكون له، طَلَب من الأمة طَلَبَها له، فهو مما يؤكِّدُ أنها له، وإلاَّ لَمَا طَلَبها ولا ترجَّاها ولا أمر بطلبها له، وهو بلا شك أحقُّ بها من جميع الخلق، إذ الخلقُ أفضلُهم الرسل، وهو - صلى الله عليه وسلم - مقدَّمٌ عليهم في الدنيا (٣).


(١) "تتمة أضواء البيان" للشيخ عطية محمد سالم (ص ٢٨٠) - مكتبة ابن تيمية.
(٢) "الظلال" (٦/ ٣٩٢٧).
(٣) انظر "تتمة أضواء البيان" (ص ٢٨٠ - ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>