° فأما ابن عذارى المراكشيُّ، فيقول وهو يَذكر نِزارًا أبا المنصور، وبعده الحاكم بأمر الله:"ثم وَلِيَ بعدَه الحاكمُ فأظهَرَ أكثرَ مذهبِهم، ثم إنه ادعى الربوبيةَ من دون اللَّه، وجَعل داعيًا يدعو الناسَ إلى عبادته، وسمَّاه المهدي، فكتب داعِيهِ الكتاب، وكان اسمه حمزة، وذلك في سنة ٤١٠، وقُرئ بحضرة الحاكم -لعنه الله- على أهل مملكته، ذَكَر فيه -تعالى الله عن إبطالِ المبطلين علوًّا كبيراً-: "الحمد لمولاي الحاكم وحدَه! باسمِك اللهمَّ الحاكم بالحق"، ثم تمادى، فقال: "توكَّلت على إلاهي أمير المؤمنين -جل ذكره-! وبه نستعين في جميع الأمور"، ثم طَوَّل في الكتاب بالتخليط: فمرة يجعله أمير المؤمنين، ومرة يجعله الإِله، وقال فيه: "وأمرني بإسقاط ما لا يلزمكم اعتقاده من الأديان الماضية، والشرائع الدارسة".
وذكر أشياءَ يَطول ذكرُها، وكانت له راية حمراء تحتَ قصرِه، فاجتمع إليه خلقٌ نحو خَمسةَ عَشَرَ ألف رجل فيما قيل" (١).
° وأما البقية، فلخَّص أقوالَهم محمد عبد الله عنان بقوله:"إن حمزةَ ابنَ عليٍّ عَكَف مدى حين على بثِّ دعوته سرّاً، ولم يِجاهِر بها إلاَّ في أواخِرِ سنةِ ٤٠٧ هـ أو أوائل سنة ٤٠٨ هـ، وعندئذٍ يبدو على مسرح الحوادث الظاهرة، ويلازم الجلوسَ في مسجدِ "ريدان" -أو مسجد "تبر"- بظاهِرِ باب النصر، ويدعو جَهراً إلى عِبادةِ الحاكم، وينادي بالتناسخ في الأديانِ الشرائع وبالحلول، ويَزعم أن الحاكمَ ليس بشراً، وإنما هو رمزٌ حَلَّ فيه الإلهُ، فاجتَمَع إليه طائفةٌ كبيرةٌ من غلاةِ الشيعةِ الإسماعيلية، وتلقَّب
(١) "البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب" (١/ ٢٨٦) ط. الكتبة الأندلسية أوفست دار الثقافة بيروت الطبعة الثالثة ١٩٨٢ م بتحقيق المستشرقين كولان وليفي بروفنسال.