الأمرَيْن: نفيَ الهوى عن مَصْدَرِ النطق، ونفيَه عن النطق نفسه، فنطقُه بالحقِّ، ومصدرُه الهدى والرشاد، لا الغيُّ والضلال.
ثم قال:{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فأعاد الضمير على المصدر المفهوم من الفعل، أيْ: ما نُطْقُه إلاَّ وحيٌّ يُوحى، وهذا أحسنُ مِن قَوْل مَنْ جَعَل الضمير عائِدًا إلى القرآن، فإنه يعمُّ نطقَه بالقرآن والسُّنة، وأَنَّ كليهما وحيٌّ يُوحَى".
* {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}[النجم: ٥]:
سبحان مَن زكَّى مُعلِّمَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وجَلِيسَه وهو جبريل - عليه السلام -، خَلَع أجملَ الصفاتِ عليه، فقال عنه: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم: ٥، ٦]، وقال عنه أيضاً: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: ١٩ - ٢١]، فوصفه بأنه كريمٌ، قويٌّ، مكينٌ عند الرب تعالى، مُطاعٌ في السماوات، أمين، فهذه خمسُ صفاتٍ تتضمَّنُ تزكيةَ سَنَدِ القرآن، وأنه سماعُ محمدٍ من جبريل، وسماعُ جبريل من ربِّ العالمين، فناهِيكَ بهذا السَّند علوًّا وجلالةً: قول الله سبحانه بنفسه تزكيتَه.
* الصفة الأولى: كونُ الرسول الذي جاء به إلى محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - كريمًا، ليس كما يقول أعداؤه: "إن الذي جاء به شيطان"، فإن الشيطانَ، خبيثٌ مُخبَّث، لئيمٌ، قبيحُ المنظر، عديمُ الخير، باطنه أقبحُ من ظاهره، وظاهرُه أشنعُ من باطنه، وليس فيه ولا عنده خيرٌ، فهو أبعدُ شيءٍ عن الكرم، والرسولُ الذي ألقَى القرآنَ إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - كريم، جميلُ المنظر، بَهِيُّ