مسلم في "صحيحه"(١/ ٤٩): عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"، وروى البخاري (٧/ ٢١٨): حدثني أبو عقيلَ زُهرةُ بنُ مَعبد أنه سَمع جدَّه عبدَ الله بنَ هشام قال: كنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو آخِذٌ بيدِ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحبُّ إليَّ من كلِّ شيءٍ إلاَّ من نفسي. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - له:"لا والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك". فقال له عمر - رضي الله عنه -: فإنه الآن واللهِ لأنت أحبُّ إليَّ من نفسي. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الآن يا عمر".
وهذا المعنى تضمَّنه قوله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦].
° ويؤكِّد السيد أبو الحسن الندوي ما أثبته الشرعُ من وجوب تفرُّدِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بمحبةٍ لا مشارِكَ ولا مزاحِمَ ولا مساوٍ له فيها مهما كان إيمانُه وتقواه، فقال في كتابه "صورتان متضادتان"(ص ٩٦ - ٩٧): "أما الشرط الرابع الذي كنا قد اشترطناه للنبوة الدائمةِ والأُمةِ الخالدة هو أن تكون شخصيةُ الرسولِ هي مركزُ الهداية ومِحورُ العلاقة القلبية والتفويضِ العقليِّ للأمة، وأن يكون النبيُّ هو مصدرُ التشريع والمستحِقُّ لأن يُطاعَ ويُمتَثَلَ أمرُه، لا يشاركه في ذلك أحدٌ من أفراد أمته".
° وإلى أن قال (ص ١٠٤): "أما شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلا يكفينا أن نتَّصلَ بها اتصالاً قانونيًّا فحسب، بل المطلوب منا أن نرتبط بها ارتباطًا روحيًّا وعاطفيًّا، ونُحبَّه حبًّا خالصًا عميقًا يفوقُ كلَّ الحبِّ للمال والنفس والأهل والأولاد، ولا تُشارَكُ في ذلك أيُّ شخصيةٍ بعد ذات الله تعالى،