للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَهيِ الله، والمعنى: إنك لعلى الخُلُق الذي آثرك اللهُ به في القرآن" (١).

• وفي "الصحيحين" أن هشامَ بنَ حكيم سأل عائشة - رضي الله عنها - عن خُلُق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: "كان خُلُقه القرآن" .. فقال: "لقد هَمَمْتُ أن أقومَ ولا أسألَ شيئًا" (٢).

وهذه من أعظمِ آياتِ نبوَّته ورسالتِهِ، لمن مَنَحه اللهُ فهمًا، فقد كانت أخلاقُ النبي - صلى الله عليه وسلم -وهي أزكى الأخلاقِ وأشرفُها وأفضلُها-، مقتبَسةً من مِشكاةِ القرآن.

فترجمت أمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -لكمالِ معرفتها بالقرآن وبالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحُسنِ تعبيرها- عن هذا كلِّهَ بقولها: "كان خلقُه القرآن"، وفَهِم هذا السائلُ لها عن هذا المعنى، فاكتفى به واشتفى.

فإذا كانت أخلاقُ العباد، وعلومُهم، وإراداتُهم، وأعمالُهم مستفادةً من القلم وما يَسطُرون، وكان في خَلْق القلم والكتابة إنعامٌ عليهم وإحسانٌ إليهم، إذْ وَصَلوا به إلى ذلك، فكيف يُنكِرون إنعامَه وإحسانَه على عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي أعطاه أعلى الأخلاق، وأفضلَ العلوم والأعمالِ والإِراداتِ التي لا تهتدي العقولُ إلى تفاصِيلها من غيرِ قلم ولا كتابة؟! فهل هذا إلاَّ مِن أعظمِ آيات نُبُوَّته وشواهدِ صدق رسالته؟!.

* {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]:

تجيءُ الشهادةُ الكبرى والتكريمُ العظيم، وتتجاوبُ أرجاءُ الوجود بهذا


(١) "التبيان في أقسام القرآن" لابن قيم الجوزية (٢٠٦ - ٢٠٩).
(٢) رواه مسلم (٢/ ٣٩٦) في صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل والوتر .. وكذا أبو داود (١/ ٢٤٩) في الصلاة، باب: في صلاة الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>