الثناء الفريد على النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، ويَثْبُتُ هذا الثناءُ العُلويُّ في صميم الوجود! وَيعجزُ كلُّ قلم، ويعجِزُ كلُّ تصوَّرٍ عن وصفِ قيمة هذه الكلمة العظيمة من ربِّ الوجود، وهي شهادةٌ من الله، في ميزان الله، لعبد الله، يقولُ له فيها:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ومدلولُ هذا الخُلق العظيم هو ما عند الله مما لا يبلغُ إلى إدراك مَداه أحدٌ من العالمين!.
ودلالةُ هذه الكلمةِ العظيمةِ على عظمةِ النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم - تَبْرُزُ مِن نواحٍ شتَّى:
° تَبرزُ من كونها كلمةً من الله الكبير المتعال، يُسجِّلُها في ضميرِ الكون، وتَثبُتُ في كِيانه، وتتردَّد في الملأ الأعلى ما شاء الله.
° وتبرزُ من جانبٍ آخَرَ في إطاقةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - لتلقِّيها، وهو يعلمُ من ربُّه هذا، قائلُ هذه الكلمة، ما هو؟ ما عظمتُه؟ ما دلالةُ كلماته؟ ما مداها؟ ما صداها؟ ويعلمُ مَنْ هو إلى جانبِ هذه العظمةِ المطلقةِ التي يُدرِكُ هو منها ما لا يُدرِكُه أحدٌ من العالمين.
إنَّ إطاقةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - لِتَلَقِّي هذه الكلمةِ من ربِّه العظيم، وهو ثابتٌ لا يَنسحقُ تحت ضغطِها الهائل -ولو أنها ثناءٌ-، ولا تتأرجحُ شخصيته تحتَ وقعها وتضطرب .. تَلقِّيه لها في طُمأنينة، وفي تماسُك، وفي توازن .. هو ذاتُه دليلٌ على عظمةِ شخصيته فوقَ كلِّ دليل.
ولقد رُويت عن عَظَمةِ خُلُقه في السيرة، وعلى لسانِ أصحابِه رواياتٌ مُنَوَّعةٌ كثيرة، وكان واقعُ سيرته أعظمَ شهادةٍ مِن كُلِّ ما رُوِي عنه، ولكنَّ هذه الكلمةَ أعظمُ بدلالتها من كلِّ شيءٍ آخر، أعظمُ بصدورها عن العليِّ الكبير، وأعظمُ بتلقِّي محمدٍ لها وهو يَعلمُ مَنْ هو العليُّ الكبير، وبقائه