بعدها ثابتًا راسخًا مطمئنًا، لا يتكبَّر على العباد، ولا ينتفخُ، ولا يتعاظم، وهو الذي سَمع ما سَمع من العليِّ الكبير!.
واللهُ أعلم حيث يجعلُ رسالته، وما كان إلاَّ محمد - صلى الله عليه وسلم -بعظمةِ نفسِه هذه- مَن يَحملُ هذه الرسالةَ الأخيرةَ بكلِّ عظمتها الكونيةِ الكبرى، فيكون كُفئًا لها، كما يكونُ صورةً حيَّةً منها.
إن هذه الرسالةَ من الكمال والجمال، والعظمة والشمول، والصدقِ والحقِّ، بحيث لا يَحملُها إلاَّ الرجلُ الذي يُثني عليه اللهُ هذا الثناء، فتُطيقُ شخصيتُه كذلك تلقِّي هذا الثناء، في تماسُكٍ وفي توازن، وفي طمأنينة؛ طمأنينةِ القلبِ الكبير الذي يَسَعُ حقيقةَ تلك الرسالةِ وحقيقةَ هذا الثناء العظيم.
إنَّ حقيقةَ هذه النفسِ من حقيقةِ هذه الرسالة، وإنَّ عَظَمة هذه النَّفُس من عظمة هذه الرسالة، وإن قَدْر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كقَدْر الإسلام لأَبعدُ من مَدَى أيِّ مِجهر يملكه بَشَر، وقُصارى ما يَملكُه راصدٌ لعظمة هذه النفسِ أن يراها ولا يُحدِّد مداها، وأن يشيرَ إلى مسارها دونَ أن يستطيعَ أن يحدد هذا المسار!.
ومرةً أخرى يَجدُ المرء نفسَه مشدودًا للوقوفِ إلى جوار الدلالة الضخمة لتلقِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهذه الكلمةِ من ربِّه، وهو ثابتٌ راسخٌ متوازنٌ مطمئنُّ الكيان .. لقد كان - صلى الله عليه وسلم -وهو بَشَر- يثني على أحد أصحابه، فيهتز كيانُ صاحِبه هذا وأصحابِه مِن وَقْعِ هذا الثناءِ العظيم .. وهو بَشرٌ وصاحبه يَعلَم أنه بشر، وأَصحابه يدرِكون أنه بَشر، إنه نبيٌّ نعم، ولكن في الدائرة المعلومة الحدود، دائرةِ البشرية ذاتِ الحدود .. فأمَّا هو فيتلقَّى هذه