للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمةَ من الله، هو بخاصةٍ يعلمُ مَن هو الله! هو يعلمُ منه ما لا يعلمُه سواه، ثم يصطبر ويتماسَكُ ويتلقَّى ويَسير .. إنه أمرٌ فوقَ كلِّ تصوُّر وفوقَ كل تقدير!!! إنه محمد - صلى الله عليه وسلم -وحدَه- هو الذي يَرقَى إلى هذا الأُفق من العظمة .. إنه محمدٌ نبي الله - صلى الله عليه وسلم -وحده- هو الذي يَبلغُ قمَّة الكمالِ الإنسانيِّ، إنه سيّدُ البشر محمد - صلى الله عليه وسلم -وحده- هو الذي يُكافئُ هذه الرسالةَ الكونيةَ العالميةَ الإنسانية، حتى لتتمثل في شخصية حيَّة تمشي على الأرض في إهابِ إنسان .. إنه محمد - صلى الله عليه وسلم -وحده- الذي علم الله منه أنه أهلٌ لهذا المقام، واللهُ أعلم حيث يجعلُ رسالته، وأعلن في هذه أنه على خُلُق عظيم، وأعلن في الأخرى أنه -جلَّ شأنُه وتقدَّست ذاته وصفاته- يُصلِّي عليه هو وملائكتُه، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦]، وهو -جل شأنُه- وحده القادرُ على أن يَهَبَ عبدًا من عبادِه ذلك الفضلَ العظيم.

* {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ} [التكوير: ٢٤]:

قرأ ابن كثير وأبو عمرو الكسائي: (بِظَنين) بالظاء .. وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة (بِضَنين) بالضاد.

والمقصود هنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

لقد نَزَّه اللهُ رَسُولَيْه: المَلَكيَّ جبريلَ، والبشريَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَمَّا يُضَادُّ مقصودَ الرسالة من الكتمان الذي هو الضنَّة والبُخل، والتبديلُ، والتغييرُ الذي يُوجبُ التهمة، فقال: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}، فإنَّ الرسالةَ لا يتمُّ مقصودُها إلاَّ بأَمْرَين: أدائها من غير كتمان، وأدائها على

<<  <  ج: ص:  >  >>