والقراءتان كالآيتيْن، فتضمَّنت إحداهما -وهي قراءة الضاد- تنزيهَه عن البخل، فإن "الضَّنين" هو البخيل، يُقال:"ضَنِنتُ به، أضنُّ"، بوزن "بخِلت به أبخل" ومعناه.
° قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ليس بخيلاً بما أنزل الله".
° وقال مجاهد:"لا يضنُّ عليهم بما يعلم".
وأجمع المُفَسِّرون على أن "الغيَب" ها هنا: القرآن والوحي.
° وقال الفَرَّاء:"يقول تعالى: يأتيه غيَبُ السماء وهو منفوسٌ فيه، فلا يَضِنُّ به عليكم .. وهذا معنًى حسنٌ جدًّا، فإن عادةَ النفوسِ الشُّحُّ بالشيءِ النفيس، ولا سيما عمن لا يَعرفُ قَدْره، ويذمُّه ويذمُّ مَن هو عنده، ومع هذا فالرسولُ لا يبخلُ عليكم بالوحي الذي هو أنفسُ شيءٍ وأَجَلُّه".
° وقال أبو علي الفارسي: "المعنى: يأتيه الغيبُ فيُبيِّنه ويُخبرُ به وُيظهِرُه، ولا يَكتمُهُ كما يكتمُ الكاهنُ ما عنده، ويُخفيه حتى يأخذَ عليه حُلوانًا.
° وفيه معنًى آخر، وهو: أنه على ثقةٍ من الغيب الذي يُخبِرُ به، فلا يخافُ أن يَنتقضَ، ويظهرَ الأمر بخلافِ ما أخبر به، كما يَقعُ للكُهَّان وغيرهم مِمَّنْ يُخبر بالغيب، فإنَّ كَذِبَهم أضعافُ صِدقِهم، وإذا أَخْبَرَ أحدُهم بخبرٍ لم يكن على ثقةٍ منه، بل هو خائفٌ من ظهور كَذِبه، فإقدامُ هذا الرسول على الإخبار بهذا الغَيب العظيم واثِقًا به، مُقيمًا عليه، مُبْدِيًا له في كلِّ مَجْمع، ومُعِيدًا مُناديًا به عَلى صِدْقه، مُجْلِبًا به على أعدائه: مِن