للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبِه وطريقتِه.

وقد رأى بعضُهم في المنامِ رجلاً ضَريرًا على عاتقيه حَيتانِ مدَلَّيَتانِ إلى صَدْرِه رافعتانِ رُؤوسَهما، وهما يَنْهَشان مِن لَحْمه، وهو يَسْتَغِيثُ، وقائلٌ يقولُ: هذا المَعَريُّ المُلْحِدُ.

وقد ذكَره ابنُ خَلكانَ في "الوفيات"، فرفِع في نَسَبِه كما ذكَرْنا، وقد ذكَر له مِن التصانيفِ كتبًا كثيرةً، وذكَر أن بعضهم وقَف على المجلدِ الأولِ بعدَ المئةِ مِن كتابِه المُسَمى بـ "الأيْكِ والغُصونِ".

وهو المعروفُ بـ "الهَمْزِ والرَّدفِ" وأنه أخَذ العربيةَ عن أبيه، واشْتَغَل بحلَبَ على محمدِ بنِ عبد الله بن سعدٍ النَّحْويِّ، وأخَذ عنه أبو القاسم عليُّ ابنُ المُحَسِّنِ التَّنوخيُّ، والخطيبُ أبو زكريا يَحْيىَ بنُ عليٍّ التبرِيزيُّ، وذكَر أنه مكَث خمسًا وأربعين سنة لا يَأْكُلُ اللحمَ على طريقةِ الحكماءِ، وأنه أوصَى أن يُكتَبَ على قبرِه:

هذا جَناه أبي عليَّ … وما جَنَيْتُ على أحدْ

قال ابنُ خَلِّكانَ (١): "وهذا أيضًا مُتَعَلق باعْتِقادِ الحُكماءِ، فإنهم يقولون: إيجادُ الولدِ وإخْراجُه إلى هذا الوجودِ جِنايةٌ عليه، لأنه يَتَعَرض للحَوادثِ والآفاتِ".

قلتُ (٢): "وهذا يَدُل على أنه لم يَتَغَيَّر عن اعتِقادِ الحكماءِ إلى آخرِ وقتٍ، وأنه لم يقْلعْ عن ذلك كما ذكَره بعضُهم، واللهُ أعلمُ بظَواهِر الأمورِ


(١) "وفيات الأعيان" لابن خلكان (١/ ١١٥).
(٢) الكلام للإمام ابن كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>