للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها وقوله: "إني أنا الختمُ لا وليَّ بعدي"، بعد أن ذَكَر أن هناك خاتمًا للأولياء، وزَعْمِه أن الرسلَ لا يقتبِسون علومَهم "إلا من مشكاةِ خاتم الأولياء"، وزعمه أن الوليَّ يرى موضعَ لبنتينَ لا كما رآها النبيُّ موضعَ لبنةٍ واحدةٍ، وأن أحدهما فضةٌ -هي النبي-، والأخرى ذهب -وهي الولي-.

ثم أخيرًا الوليُّ مستقلٌّ بـ "أخذ عن الله في السرِّ ما هو بالصورة الظاهرة متبعٌ فيه" .. إن هذه المصطلحات التي أحدثها ابن عربي، وبَنى عليها مذهبه في القول بتجدُّدِ الوحي باطلةُ الأساس لا يثبت عليها بناء ..

وهي مصطلحات مبتدَعة دخيلة على التصوُّر الإِسلامي لا تصدرُ عن مسلمٍ يحترمُ عقلَه ودينه .. إذ كل واحدةٍ منها تكفي لتكفيرِ صاحبها وإخراجه من دينِ الإِسلام؛ لأنها تعارضُه فيما قرَّره من الأصول الثابتة التي تعرفُ من دينِ الإِسلام بالضرورة، فكيف بها إذا اجتمعت؟!.

° ولابن عربي بعضُ العبارات الأخرى التي توحِي لقارئها بأنه سَلَفيٌّ متبع يقفُ عند كلِّ حدِّ من حدودِ الله لا يتجاوزُه ولا يتعدَّاه، ومِن ذلك قوله في أول كتاب "الفصوص": "ومن الله أرجو أن أكونَ ممن تأيَّد فتأيَّد، وقُيِّد بالشرع المحمدي المطهَّر فتقيد وقُيِّد" (١).

ولكنه لم يُقيَّد ولم يتقيَّد، وإلا لَمَا اشتَط به الفكرُ والهوى إلى تلك الضلالات المخالفةِ لعقيدة الإسلام .. وإن هذا التناقضَ قد يؤيِّدُ قوله الذهبيِّ فيه: إنه "أثَّرت فيه تلك الخَلَواتُ والجوعُ فسادًا وخيالاً وَطَرف جُنون" (٢).


(١) "فصوص الحاكم" (ص ٤٨).
(٢) "ميزان الاعتدال" للذهبي (٣/ ٦٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>