المملكة العربية السعودية من جهة تهامة وعسير للتحريض على الفتنة، والحض على الالتحاق باليمن، وثبت مع ذلك أيضًا وصول بعض الجواسيس والدعاة إلى بعض القبائل لتحريضها على القيام بأعمال الفساد.
فلما أضرم يحيى نار الفتنة والحركة واندلعت نيرانها تنذر بالشر والويل، عند ذلك أصدر جلالة الملك عبد العزيز أوامره إلى بعض القوات من جنده بالتوجه إلى الحدود، والمرابطة على مقربة منها، واتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن البلاد عن وقوع مفاجئات أو مباغتات غير منتظرة من وراء الحدود، وعَّين صاحب الجلالة ابن أخيه فيصل بن سعد بن عبد الرحمن وجعله قائدًا عامًا للجند السعودي، وكان قائدًا حربيًا قويًا وثابًا، واسع الحيلة، بارع القيادة، منصور اللواء، يخوض المعارك والحروب بنفسه، ولا يقنع بالدون، فيري الأعداء بطولته وشجاعته التي تذوب أمامها الشجعان المغاوير، ويهزمون أمام هجماته وصدماته، ولا يطيقون الصبر اتجاه سيفه الذي يفلق الهام ويطيح الرؤوس، وقد أبلى في الحرب اليمانية هذه بلاءً حسنًا، وكان تحت قيادته ٧٠٠٠ مقاتل، فعسكر فيصل بن سعد بخميس مشيط، ومكث ستة أشهر، فقام هذا الجيش العرمرم بواجب المحافظة على الحدود، كل هذا لأجل الطمأنينة للرعايا ومنعًا عن اصطدام يقع بين القوات من جهة أخرى، ولما أن وصل الوفد العربي السعودي إلى الرياض قادمًا من صنعاء، وهذا في أواخر جمادى الثانية من هذه السنة أذاعوا ما حصل بينهم وبين الإمام يحيى ومندوبيه، وباحوا بما كانوا عليه من الدسائس السيئة والمماطلة القبيحة، وبلغوها على الحقيقة، وكان من كلام الوفد لصاحب الجلالة:
قد رأينا الإمام يحيى غير صافي النية من جهة جلالتكم بصورة غير مأمولة من ملك عربي مسلم نحو بلاد عربية إسلامية مجاورة له، إلى أن قال الوفد: وقد أدهشنا وأيم الحق هذا الشعور العدائي الذي لم نكن نتوقعه من مسلم عربي، وقد عجزنا عن ذلك العداء الكامن بالرغم من أنه من الممكن حمله على محمل العقيدة الزيدية من جهة، والطموح والحسد الشخصي لجلالتكم من جهة أخرى، إن الإمام يحيى