وكم ظالمٍ يدمي من العض كفه ... مقالته يا ويلتى أين أذهب
إذا اقتسموا أعماله غرماؤه ... وقيل له هذا بما كنت تكسب
وصك له صكٌ إلى النار بعدما ... يحمل من أوزارهم ويعذب
وكم قائلٍ واحسرتا ليت أننا ... نرد إلى الدنيا ننيب ونرهب
فما نحن في دار المنى غير أننا ... شغفنا بدنيا تضمحل وتذهب
فحثوا مطايا الارتحال وشمّروا ... إلى الله والدار التي ليس تخرب
فما أقرب الآتي وأبعد ما مضى ... وهذا غراب البين في الدار ينعب
وصل إلهي ما همى الودق أو شدا ... على الأيك سجاع الحمام المطرب
على سيد السادات والآل كلهم ... وأصحابه ما لاح في الأفق كوكب
وفي هذه السنة مرض الشيخ العالم العلامة محمد بن عثمان الشاوي، وهو مقيم في مكة المشرفة، فألجأته الأحوال إلى أن يدرس مضطجعًا إجابة لطلب تلامذته وأحبابه، وكان مرضه في فخذه بداء السرطان، فقال في ذلك قصيدة عظيمة شكى إلى ربه حالته وشماله كشف ضره، ولما قال هذه القصيدة سعى الملك عبد العزيز في علاجه وبذل جهودًا جبارة لعلاجه في الملكة العربية السعودية وخارجها، غير أن الله لم يأذن جزاه الله خيرًا، وهذه القصيدة المشار إليها:
أسير الخطايا عند بابك يقرع ... يخاف ويرجو الفضل فالفضل أوسع
مقرٌ بأثقال الذنوب ومكثر ... ويرجوك في غفرانها فهو يطمع
فإنك ذو الإحسان والجود والعطا ... لك المجد والأفضال والمنُّ أجمع
فكم من قبيحٍ قد سترت عن الورى ... وكم من نعيم تترى علينا وتتبع
ومن ذا الذي يرجى سواك ويتقى ... وأنت إله الخلق ما شئت تصنع
فيا من هو القدوس لا ربٌ غيره ... تباركت أنت الله للخلق مرجع
ويا من على العرش استوى فوق خلقه ... تباركت تعطي من تشاء وتمنع
بأسمائك الحسنى وأوصافك العلى ... توسل عبدٌ بائسٌ يتضرع
أعني على الموت المريرة كأسه ... إذا الروح من بين الجوانح تنزع