ويشفق من وضع الكتاب ويمتني ... لو أن رد للدنيا وهيهات تطلب
ويشهد منا كل عضو بفعله ... وليس على الجبار يخفى المغيب
إذا قيل أنتم قد علمتم فما الذي ... عملتم وكلٌ في الكتاب مرتب
وماذا كسبتم في شبالب وصحةٍ ... وفي عمر أنفاسكم فيه تحسب
فيا ليت شعري ما نقول وما الذي ... نجيبٌ به والأمر إذ ذاك أصعب
إلى الله نشكو قسوةً في قلوبنا ... وفي كل يومٍ واعظ الموت يندب
ولله كم غاد حبيبٍ ورائحٍ ... نشيعه للقبر والدمع يسكب
أخٌ أو حميمٌ أو تقيٌّ مهذبٌ ... يواصل في نصح العباد ويدأب
نهيل عليه الترب حتى كأنه ... عدوٌ وفي الأحشاء نارٌ تلهَّب
سقى جدثًا وأرى ابن أحمد وابل ... من العفو رجاس العشيات صيب
وأنزله الغفران والفوز والرضى ... يطاف عليه بالرحيق ويشرب
فقد كان في صدر الجالس بهجة ... به تحدق الأبصار والقلب يرهب
فطورًا تراه منذرًا ومحذرًا ... عواقب ما تجني الذنوب وتجلب
وطورًا بآلاء الإله مذكرًا ... وطورًا إلى دار النعيم يرغب
ولم يشتغل عن ذا ببيع ولا شرا ... نعمٌ في ابتناء المجد للبذل يطرب
فلو كان يفدى بالنفوس وما غلا ... لطبنا نفوسًا بالذي كان يطلب
ولكن إذا تم المدى نفذ القضاء ... وما لامرءٍ عما قضى الله مهرب
أخٌ كان لي نعم المعين على التقى ... به تنجلي عني الهموم وتذهب
فطورًا بأخبار الرسول وصحبه ... وطورًا بآداب تلذ وتعذب
على ذا مضى عمري كذاك وعمره ... صفيين لا نجفو ولا نتعتب
وما الحال إلا مثل ما قال من مضى ... وبالجملة الأمثال للناس تضرب
لكل اجتماع من خليلين فرقةً ... ولو بينهم قد طاب عيشٌ ومشرب
ومن بعد ذا حشرٌ ونشرٌ وموقفٌ ... ويوم به يكسى المذلة مذنب
إذا فرَّ كلّ من أبيه وأمه ... كذا الأم لم تنظر إليه ولا الأب