للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبناء قومي، وكنت في كل وقت أقابل ما يصدر إلى منهم من إساءة أو خطيئة بصدر رحب على أمل أن يرجعوا إلى الصواب، ولكنني إذا رأيت تماديًا في الغي والإساءة اضطر حينئذ للدفاع، أنا عربي ومن خيار الأسر العربية ولست متطفلًا على الرياسة والملك، فلإن آبائي وأجدادي معروفون منذ القدم بالرئاسة والملك، ولست ممن يتكلمون على سواعد الغير في النهوض والقيام، وإنما اتكالي على الله ثم على سواعدنا يتكئ الآخرون ويستندون إلى آخر كلمة.

وفيها وفاة الشيخ عبد الله بن أحمد العجيري تغمده الله برحمته وأسكنه بفضله فردوس جنته، وكان يسمى "راوية نجد" لما قام به من جمال الصوت وحسن الإلقاء، كما اشتهر بقوة الحافظة العجيبة، وبسعة اطلاعه على آداب العرب وأخبارها وعلومها وآثارها، حتى نشرت جريدة أم القرى ترجمة له وسمته "أديب نجد" وكان يختصه الملك عبد العزيز للسفر في معيته لما لديه من العلوم والأخبار، ولقد رثاه الشيخ الأديب محمد بن عبد الله بن عثيمين بمرثية بديعة، وذكر فيها شيئًا من صفات المترجم، ذلك لما كان بينهما من تقارب السن ورابطة الجوار، وتماثل الفضل، ولأنه من خلصاء الشاعر ورواة شعره، وأعز أصدقائه، فقد عاش خدنين تجمعهما أواصر العلم والآدب:

هو الموت ما منه ملادٌ ومهربٌ ... متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب

نشاهد ذا عين اليقين حقيقةً ... عليه مضى طفلٌ وكهلٌ وأشيب

ولكن على الران القلوب كأننا ... بما قد علمناه يقينًا نكذب

نؤمل آمالًا ونرجو نتاجها ... وعلى الردى مما نرجيه أقرب

ونبني القصور المشمخرات في الهوى ... وفي علمنا أنا نموت وتخرب

ونسعى لجمع المال حلًا ومأثمًا ... وبالرغم يحويه البعيد وأقرب

نحاسب عنه داخلًا ثم وخارجًا ... وفيم صرفناه ومن أين يكسب

ويسعد فيه وارث متعففُ ... تقى ويشقى فيه آخر يلعب

وأول ما تبدو ندامة مسرفٍ ... إذا اشتد فيه الكرب والروح تجذب