خنجره أسفل الكتف اليسرى للأمير سعود، فلم تحدث لقوة المبادرة سوى خدش بسيط ولله الحمد.
وحينما رأى المجرم الثالث ما حل برفيقيه، وكان قد خرج من مخرج الجرم الثاني، واستدار من جهة الركن اليماني، أطلق رجليه للريح قاصدًا النجاة بنفسه فصرعه رصاص الشرطة والحرس الملكي فسقط على الأرض وهو ينازع، وظل على قيد الحياة ما يقرب من ساعة، تمكن المحققون في أثنائها من معرفة اسمه، وهو علي، ولم يمكن أن يعرف عن الجناة ساعة الحادثة ما يدل على شأنهم إلا أن ملابسهم وخناجرهم تدل على أنهم من الزيود اليمانيين، وتتراوح أعمارهم بين ٣٥ و ٤٥ سنة.
ثم إن جلالة الملك وولي عهده أتما مناسكهما وعادا إلى منى في خير وعافية، وجلسا للوفود والمهنئين، وفي هذه الأثناء قام مدير الأمن العام مهدي بك مدير العسكر وأخطر بالأمر في منى، وحضر على رأس قوة كافية من الشرطة، وشرع في إجراء التحريات والتحقيقات لمعرفة شخصية الجناة والتحقق عن الأسباب الدافعة لهم على ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء وسط بيت الله الحرام، وبقرب الكعبة الشريفة في ذلك اليوم العظيم المبارك، وبث عيونه وأرصاده بين حجاج اليمن الذين ثبت أن الجناة منهم، وما كاد الشعب السعودي يعلم أن الجناة من الزيود اليمانيين حتى اشتد غضبه على الجناة المفسدين لولا أن تدارك ابن سعود الأمر بحكمته وأصدر أمره الكريم إلى قواد جنده بالاهتمام بصيانة أرواح الحجاج من الاعتداء، واتخاذ كافة التدابير التي تقضي على كل من يحدث أي تشويش على الحجاج، فكف الناس احترامًا للأمر وطاعة له على مضض، إلا أن السخط بلغ منهم مبلغًا لا حدَّ له وثار الحجاج المصريون يهتفون بحياة الملك ونجله، وتنادوا بالانتقام من المعتدين، لأن الجناة الزيدية ارتكبوا أشنع الجرائم في أقدس مكان، وأرادوا الانتقام على زعيم العرب، وعلى ولي العهد المحبوب، وشاركهم كل الحجاج، فشكرهم جلالة الملك على شعورهم النبيل.