ولما كان الحجاج قبل ذلك تسرق آنيتهم من بين أيديهم وهم ينظرون، وتعبث أيدي الحرامية بفعل تلك الجرائم بحيث تؤخذ الكسوة من فوق الظهور فلو رأيت الشنان والمفزعات إذا دحرجت من فوق رؤس الجبال وانطلقت على إبل الحجاج فندت وسقط ما تحمله فوق ظهروها، وكان حظه النهب والسلب لذابت لذلك الأكباد وأنكرته فطر العباد، فغار ربك من هذا الصنيع الذي تعمله هذه الأيادي الجائرة بزوار بيته ووفده، وولى على تلك البلاد والرباع ذلك الأسد في براثنه الذي قهرت سطوته أهل الفساد، وآمن به العباد والبلاد فولت تلك الأشباح الوحشية إلى أكهافها وأوكارها قد أعشاها فجر الأمن والتوحيد، وأصبحت الطرق آمنة مطمئنة فلله الحمد والشكر لا نحصي ثناء عليه.
إن مكة
والحق يقال تعتبر مثالًا للنظام وحسن التدبير، ذلك لما أولتها الحكومة من العناية والحرص على راحة أهلها بتأسيس المستشفيات ومراكز الإسعاف وتعبيد الطرق بالإسفلت حتى أصبحت طرقها كأحسن ما يكون، واتخذت الحكومة إجراءات نحو الطريق بينها وبين مدينة جدة فرصفته وجعلت على قدر مسافة الكيلو لوحة فيها أرقام، لذلك وكانت المسافة بين البلدتين ٧٣ كيلو مترًا، كما قد رصفت الطريق بين جدة والمدينة المنورة، كذلك بحيث كان الطريق بين البلدتين ٣٧٨ كيلو مترًا، وكانت غالب دوائر الحكومة فيها وجلبت إليها سيارات الإطفاء وفيها معامل ومحطات كثيرة لتوليد الكهرباء واللاسلكي ومراكز للشرطة، وفيها المدارس والمعاهد والمستشفيات ومواضيع أخرى للأدوات الحديثة وغير ذلك مما وفر لأهلها كمال الراحة، ومن جهة أخرى فإن الكهرباء يسر وجوده لديهم جميع المكيفات، والآن كانت تشاركها في بعض ذلك البلاد الأخرى، فإن مكة قد نالت قصب السبق وفازت بنا من قديم، وقد خدمت بالحرس والبلديات والتنظيم ما كانت تفخر به على غيرها في المدنية وحسن النظام، ولا ريب أن البلاد تتحسن وكانت مسافتها شرقًا وغربًا طويلة، أما من جهات الجنوب والشمال فإن الجبال