الرتبة، وإن كان لها كارهًا عفى الله عنهم، فسافر مكرهًا وقدم على أهله في الدلم البلد المعروف في الخرج، لأنه لم يتمكن من المخالفة، وأقام بين أقاربه ومحبيه محفوفًا بالإكرام والاحتشام، وجعل يواصل الإرشاد والوعظ بالمسجد الأوسط بالدلم، وكان كثيرًا ما يقول:"اللهم رد بي خيرًا" ولما كان في شهر ذي القعدة من تلك السنة عزم على الذهاب إلى بلد الحريق مكرهًا وهو بغاية الخوف، وواعد الجمالة وأعد الأثاث للنقل، وفي صبيحة يوم الجمعة الموافق لليوم الأول من شهر محرم ١٣٥٤، وصلي عليه بعد صلاة الجمعة، وقد خرج مع جنازته الجم الغفير، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته، وكان يقول لوالدته وهو في مرضه ابنك هذا الضعيف سيولى على الآلاف من الرجال والنساء والصبيان، وهذا مما دل على ورعه وشدة تخوفه من تولي القضاء، وخطر منصبه وإني لأرجو أن يكون ممن قال الله فيهم: ولمن خاف مقام ربه جنتان، هذا وقد كانت حالته تحزن وتبعث الأسى والترحم، قال الشيخ راشد: وكنت حال وفاته صغير السن ولكني عند كتابتي لهذه الترجمة أثارت ذكرياته رحمه الله شيئًا في نفسي فقلت هذه الأبيات الآتية:
كل الخلائق للفناء مصيرهم ... والكل يجزي في المعاد بكسبه
ما في الحياة مخلدٌ لوكان ذا ... ما مات أفضل ناصحٍ ومنبه
إني أعزي النفس في فقد الذي ... جمع الزهادة والتقى أكرم به
طلب العلوم فنالها بتفوقٍ ... وقلى المناصب خشيةً من ربه
برح الرياض مفارقًا أقرانه ... والخوف يسكن في قرارة قلبه
علم الكريم بصدقه فأجابه ... ومضى محمد راغبًا في قربه
رحم الإله محمدًا وأثابه ... بالأمن من غضب الإله وحربه
يا رب وامنن بالثبات على الهدى ... واسلك بنا نهج النبي وصحبه
وعندما تم لابن سعود القضاء على جميع الثورات رغب أنصار ابن سعود وعلى رأسهم إبراهيم بن معمر الوزير الفوض للملكة العربية السعودية في بغداد أن ينضم تحت لواء ابن سعود الذين شردوا من الحجاز كطاهر الدباغ،