يبعث إلى بيت الشيخ معونة ومساعدة على مؤونة الدنيا فجزاه الله خيرًا على أعماله الطيبة، فإذا كان بعد طلوع الشمس وانتشارها عاد إلى المسجد ثم يجلس يدرس في صائر فنون العلم إلى قريب زوال الشمس، ثم يعود إلى بيته، فإذا ما صلى الظهر في المسجد المذكور جلس للتدريس إلى أذان العصر، وأشهد لرايته مرة أذن مؤذن صلاة العصر، وقد بقي ثلاثة من التلامذة لم يقرءوا، فإذا صلى العصر جلس في المسجد الجامع يدرس إلى أن توارى في الحجاب، وقد تغرب الشمس وقد بقي بقية لم يصل إليهم الدور، ولما كثر الطلاب وبلغ عدد الذين يدرسون في القرآن نهسة وثلاثين جعل لكل تلميذ صحيفة، وكان يتقيد بآخر الصفحات من المصحف العثماني الذي رتب الجزء منه عشر ورقات.
أما الكتب التي يدرس بها عليه فإليك بعضها:
درسنا عليه كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين، وكتاب حادي الأرواح في صفة الجنة، وكشاف القناع عن متن الإقناع، والروضة الندية لصديق بن حسن القنوجي، ويدرس عليه في المغني لابن قدامة، والشرح الكبير، وشرح المنتهى والمقنع، والفروع والصحاح، والمسانيد، والشروح، والسنن، والمختصرات، ومدارج السالكين، وزاد المستنقع وشروحه، ودليل الطالب وشروحه، وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وشرح الطحاوية وغيرها، ويطيل ويفسر الكلام ويشبع وشمهب ويجرح ويعدل ويلهج بذكر الخلاف.
ولما علم الله صدق نيته رزقه كتبًا كثيرة وحصل على شيء عجيب منها، وأصبحت ترد عليه من مصر والحجاز، والشام وغيرها، ثم بعدما يصلي الغرب يذهب إلى بيته يتناول العشاء الآخرة، قام للصلاة في المسجد الجامع ثم ينتقل ما ضاء الله ويوتر وينام، فهذه حالته إلى أن لف بأكفانه، وبكاه كل جيرانه وفقدته أناء زمانه، وكان فيه مؤهلات للقضاء والفتيا، وله سعة وقدرة في استجراح مسائل العلم، هذه صفته:
كان مربوع القامة، ضرير البصر عيناه نائتان، أبيض اللون، أسود الشعر، في