لكل غريب وفقير من طلاب العلم، ويا ليتها انتظمت وأصبحت يتردد إليها كل غريب وفقير، ولكنها ويا للأسف تأخرت وأملنا عظيم بحكومتنا أن تقوم بإكرام أهل الدين وفتح ملاجئ وبيوت للعجزة، وإنشاء مستشفيات وإصلاح طرق وغير ذلك مما يعود نفعه على البلاد.
وكان جلالة الملك عبد العزيز يصبر على ما ينال جانبه ويتحمل العنف من المشايخ إذا ما بدت غيرتهم لله ولدينه، وذلك لما منحه الله من الخصال الجميلة والمكارم، وكنت أظن أن الله جلت قدرته إنما مكن له في الأرض وبسط ملكه وأعلى شأنه لإكرامه العلماء والعفو عن زلاتهم وأخذ نصائحهم، وكان المترجم يغلظ في النصيحة، حتى قال مرة: يا عبد العزيز إن بيت المال للعلماء والقضاة والمفتيين والأئمة والمؤذنين ليس بيت مال المسلمين خاصًا لجنودكم، وسمع جلالة الملك سيارة لحديدها وأخشابها قعقعة في مسيرها فجعل ينظر إليها من النافذة استنكارًا لصوتها وإلى جانبه الشيخ عبد الله، فسأل الملك عن هذه السيارة بعض من حواليه؟ فأجابه الشيخ قائلًا: هذه سيارة المشايخ التي تبعثونها إليهم إذا أرتم حضورهم.
وكان الشيخ يحبذ للعامة ركوب السيارات والانتفاع بهذه المخترعات الحديثة، ويبين أنه لا مانع من ذلك ولا ينبغي للإنسان أن يتجاهل ويكون غبيًا، فإن الإنسان عدو ما جهل.
أما كرمه وجوده فقد جعل موضعًا للضيافة، وحدثني من رأى بذله وجوده أنه كان في ضيافته ثلاثة أيام ولقي هناك أنواعًا من الأطعمة والأشربة كاللحم والأرز والخبز واللبن والشاي والبن، قال ثم استأذنته بالرحيل وودعته فسألني عن الإقامة في حائل وهل كان لي أهل؟ فلما تبين له أني أريد الإقامة ولا أهل لي في البلد طلب أن أتردد شهرًا كاملًا، وقال يا بين إن الشيء خارج لك أو لغيرك وهذه عادتنا فلا نتكلف للضيوف، وكان لديه سيارات ويحمل من استحمله، وكم له من يد بيضاء تجود بنفع المحتاج وكسوة العاري وإطعام الجائع، ومن فوائده أنه وعظ مرة فقال في موعظته: