وفيها حصل تمرد من شرار في مكة يريدون زعزعة نظام الحكم بحسب ما يتصورون، وكان القائمون بهذا الأمر بعض أحفاد الشريف عون الرفيق أمير مكة في العهد العثماني، وهم الشريف حسن والشريف عبد الحميد طلبا من الملك في العام الماضي الحضور إلى الحجاز لإدارة شؤون أملاكهما الخاصة فيها، فأذن لهم جلالة الملك بذلك وأكرم مثواهم فحضروا إلى الحجاز بهذه الدعوى، وأخذوا يعملون للقيام بثورة داخلية، وأخذوا يتصلون برجال البادية ويوزعون الأموال على بعض زعماء القبائل بواسطة عامل من عمالهم يقال له عابد الديب، ثبت في النتيجة أنه هو الذي كان يحرضهم على ذلك ويسول لهم إمكان نجاحهم في مهمتهم دون أن يعلم المفتون أن حب المليك قد تغلغل في كل قلب من قلوب الشعب، ولذلك قام زعماء القبائل المشار إليهم يطلعون سمو الأمير فيصل نائب الملك ويخبرونه بالخفاء بجميع حركات الثائرين وسكناتهم وما يقبضونه من أموال في هذا السبيل، حتى حان وقت موعد التنفيذات الموهومة، فعند ذلك عاجلهم جلالة الملك فأمر بالقبض على كل من الشريف عبد الحميد والشريف حسن، وعابد الديب وبعض من كان له بهم صلة وأودعهم في مكان خاص بدار الأيتام بمكة المكرمة، وشرع مدير الأمن العام مهدي بك الصلح في إجراء التحقيق معهم حتى ثبتت إدانة عابد الديب باعتباره اليد المباشرة في الأمر فحكم عليه بإعدامه، وبعدما أراد الملك إعدام الشريف عبد الحميد وسجن الشريف حسن سجنًا مؤبدًا لكونه لم يعارض في الأمر قضت إرادته بأن يمثلا بين يديه، ولما جيء بهما أنبئهما على فعلهما ثم عفى عنهما، وأمر لهما يحوائز وصرفهما إلى مصر، وحج بالناس في هذه السنة جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، وممن حج فيها من الأعيان الشيخ عمر بن محمد بن سليم، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وقاضي جيزان محمد بن عبد الله التويجري، وكان قد تأثرث هذا بمرض أصابه، ويظهر لي أنه شبيه بالسل، لأنه مات على أثره رحمه الله.
وفيها حجتنا الثانية على ظهور الإبل، ولم يحج من الإبل إلا قليل لأن الأمة قد