الجولة الأولى وهذا لأن أميركا كما هو معلوم ومشهور منحازة بعواطفها إلى جانب الحلفاء، وقد قدمت لهم مساعدات عظيمة من اقتصادية وحربية ومالية، وتعمل جاهدة لتقوية سلاحها وتعزيز دفاعها، كأنما هي تتوقع الحرب بين لحظة وأخرى مما يقطع بأن السياسة الأميركية أخذت تسير باطراد نحو المشاركة في الحرب إلى جانب إنكلترا، فأخذ الرئيس روزفلت بحض الكونغرس على تعديل أحكام هذا القانون، فأقرَّ الكونغرس قانونًا سمح فيه للدولة المتحاربة أن تبتاع نقدًا من الأميركيين ما تحتاجه من الأسلحة، ولما وقفت إنكلترا ومستعمراتها تحارب بمفردها القوة الألمانية الظافرة تعاظم اهتمام أميركا بمصير بريطانيا وخشيت أن يتمكن الألمان من إبادتها وسحقها، فأعلن الرئيس الأميركي في خطاب ألقاه: بأننا سنمد أعداء العدوان بجميع الموارد المادية التي تملكها أمتنا، كما أعلن أن قيامه ذلك يحول دون انتقال مستعمرات فرنسا وهولندا بعد استسلام هاتين الدولتين في أمريكا الجنوبية إلى قبضة الألمان، وبعد قيام الحرب بسنة تم الاتفاق بين الولايات المتحدة وإنكلترا على أن تقرض الأولى الثانية خمسين مدمرة أميركية مقابل تأجير بريطانيا إلى الولايات المتحدة عددًا من القواعد البحرية والجوية في جزر الهند الغربية وجزيرة نيوفوند لاند لمدة تسعة وتسعين سنة، وآخر ذلك أن اعتمد المستر روزفلت قانون الإعارة والتأجير الذي جعل من الولايات المتحدة مصنعًا لتزويد الحلفاء بكل ما يحتاجونه، وسنعود عن قريب.
أما ما كان من أمر هتلر فإنه تقدم كهماته وملأ رعبه كل قلب وكل بيت، وتوهم المتوهمون لفرط ما ظفر به من انتصارات أنه متصل بالسماء قبحهم الله أنى يؤفكون، وقد ظل علمه المعقوص خفاقًا في جميع ميادين القتال التي امتدت جبهاتها إلى أميال بعيدة من شرق أوربا إلى غربها، كما ظلت جيوشه ومدرعاته تجوب جميع الميادين في البر والبحر والجو تكتسح الممالك وتدمر وتقصف بسرعة عجيبة حتى وصلت إلى اليونان بعدما دمرت في طريقها ما تقدم ذكره، واحتلت جميعها احتلالًا عسكريًا صارمًا بعد أن دكت حصونها ونسفت قلاعها وأزالت خطوط دفاعها من الوجود.