للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت اليونان إذ ذاك مشتبكة في حرب مع إيطاليا حلفاء ألمانيا، وكان الظنون أن تكون إيطاليا هي الغالبة لوفرة جيوشها وكثرة عتادها واعتمادها على مساندة حليفتها الجبارة، وبما أن إيطاليا هي البادئة بالعدوان فإن اليونان ردتها على أعقابها على رغم ما يظهره الدتشي زعيم إيطاليا من الجعجعة الجوفاء، حتى أنه كان يخطب مزهوًا فخورًا بكثرة جيوشه وهو واقف على ظهر المدفع يهدد ويرغي ويزبد ويسمي البحر الأبيض الذي يقف عليه بحرنا.

ولما أن وصلت جيوش الألمان في الزحف إلى الحدود اليونانية لم ترَ أن تسلم حليفتها إيطاليا الخسف، بل عزمت على أن تقيمها من كبوتها وتنهضها من عثراتها وترد إليها شرفها واعتبارها بالاستيلاء على اليونان وضمها إلى قائمة الدول التي سقطت تحت عجلات مدرعاتها.

فكر هتلر ورجاله في أيسر طريق إلى بلوغ تلك الغاية فاتجهت أنظارهم إلى جزيرة كريت القائمة في الجنوب الشرقي من البحر الأبيض، وكانت مملوكة لليونان، وباستيلائهم على هذه الجزيرة يضربون عصفورين بحجر واحد إذ يجعلون منها أيضًا قاعدة حربية لغزو الجزر البريطانية وتهديد قوافل الإنكليز أعدائهم الألداء حين تمر في البحر محملة بالمؤن والذخائر ويقطعون الطريق على أسطولهم الحربي والتجاري، وفطنت إنكلترا إلى الأهداف التي ترمي إليها ألمانيا من سعيها في الاستيلاء على هذه الجزيرة، فوقفت بجانب حليفتها اليونان تساندها وتساعدها وتمدها بجيوشها لصد الغزاة عنا بأي ثمن إذ لم يفتها أن غزو كريت مقدمة لغزو موعده الجزر البريطانية.

ولما كانت ألمانيا لا تملك الأسطول البحري القوي الذى يمهد لها غزو جزيرة كريت عن طريق البحر، وكان الأسطول الإنكليزي الضخم غول البحر يجول ويصول شمالًا ويمينًا طول الجزيرة فلا يمكنها من بلوغ ما تريد، فقد تركت البحر للإنكليز يجولون فيه ويصولون بأسطولهم وأعدت لغزو الجزيرة خطة جهنمية لم يسمع بمثلها في التاريخ من قديم الزمان وحديثه، ففي ذات صباح كان أهل الجزيرة