ولما شرع غورينغ بقصف لندن وأمهات المدن البريطانية وبدأ بمعركة بريطانيا يسحق قواها المادية والمعنوية أعلن للملأ بأن معركة بريطانيا قد بدأت، وراح الدكتور غوبلز يذيع بأن ألمانيا قد كسبت الجولة الأولى في بريطانيا وأن بريطانيا تتردد حائرة بين الفناء الأبدي أو التسليم، ولقد فعل اللوفتوافا مفعوله الشديد الأثر في لندن والمدن البريطانية التي أغار عليها ودمرها وصيرها ركامًا، وانتظرت الأمة بعد ذلك بأن اللوفتوافا سيحرق لندن ويكره بريطانيا على التسليم وهي صاغرة، ولقد حدى بغورينغ جنونه إلى أن ألقى خطابًا من تلقاء نفسه بأنه يعطي ضمانًا للشعب الألماني بأنه لا تستطيع أي طائرة من طائرات العدو والحلفاء أن تطير على أرض الرايخ وهو موجود على قيد الحياة.
ولما أن أهدى الإمام يحيى إلى هتلر كمية من القهوة اليمنية قهوة المخا لعلمه بأن هتلر يحب ارتشاف جرعاتها لتوحي إليه ما توحي من أفكار صاعقية، صادرتها مدمرة بريطانية في البحر الأحمر وأذاع راديو لندن بذلك متهكمًا فتأثر هتلر من هذا الحادث البسيط وبلغ من تأثره أن أمر المارشال غورينغ بأن يزيد في قصف بريطانيا، فمسحت قنابله بعض مدنها وأزالتها من على وجه الأرض، وأضعف الإمام يحيى الهدية بأن بعث إلى هتلر خمسة آلاف طن من القهوة، وبما أن بريطانيا لم تتوفق مع روسيا فيما قيل، بل قد طرد ستالين وفدها وتحسنت الحال فيما بينه وبين ألمانيا فإنه اليوم يخاف ألمانيا على شعبة، فإذا كانت بريطانيا تقف أمام عدو واحد في الجبهة الغربية وهي كفأر مختبئ في جحر ذي منفذين يقف على باب منفذ واحد قط ضخم في حين أن المنفذ الثاني مفتوح يستطيع الفأر أن يفر منه، فهكذا بريطانيا يمكنها الفرار إلى كندا والولايات المتحدة، فإن ستالين كدب حائر يقف بين صيادين ماهرين لذلك جعل يفاوض بريطانيا، ورأى قبل أن يستحقد هتلر أن يوعز إلى سفيره في أنقرة ليتصل بالسفير البريطاني فيها، فما كان رد بريطانيا عليه إلا مرضيًا سريعًا وأنه لم يحدث بين الدولتين روسيا وبريطانيا ما يستحق الذكر، ولا يمكن أن يكون حائلًا دون اسئناف المفاوضات، ولما شعر فون بابن صراحة منذ شهر أيلول