١٩٤٠ م بأن السفارة الروسية في أنقرة على اتصال دائم مستمر بالسفارة البريطانية أبرق إلى زعيمه هتلر يخبره بالحقيقة ويحذره من مغبة هذه الاتصالات ونتائجها الوخيمة على ألمانيا، فما على هتلر إلا أن يعبئ ألمانيا لمواجهة الخطر الأكبر لهذه الجبهة الشرقية، وهذا الذي يريده تشرشل في فتح هذه الجبهة لتستعيد بريطانيا قوتها بعد أن تستجم من هول هذه الحرب، وسنعود عن قريب إن شاء الله.
وفيها خرج صاحب الجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود ملك المملكة العربية السعودية بموكبه وجنوده من عاصمة المملكة الرياض وسار يريد مقاطعة القصيم، وكان في صحبته نجله وولي عهده سعود وبقية الأنجال المحترمين، وقبل سيره أصلحت الطريق الرملية لسياراته وقدم الفراشون والخدم ينصبون الخيام في الموضع الكائن في بريدة المعروف بالتغيرة يبعد عن البلد بقدر كيلو ونصف كيلو، فقدمها في موكبه العظيم يحيط به نظام عسكري، وهذا لأول مرة يقدم عاصمة القصيم بالنظام العسكري، وأضيء مخيمه الزاهر بالكهرباء فاستقبله الأهالي استقبالًا عظيمًا على حسب ما لديهم من الاستقبال، وهرعت الأمة للسلام عليه والترحيب بقدومه، وكنت فيمن قدم عليه يحملة من التلامذة وطلاب العلم، فقام لأداء السلام كعادته في التواضع، وبعدما أديرت القهوة العربية أخذ يتكلم ويلقي علينا من جواهره فقال:
يا إخواني سبحان من يغير ولا يتغير، وإن الدنيا مآلها إلى الفناء والزوال، ويكفينا عبرةً سكان هذه البقاع الخاوية -ويشير إلى جهة الغرب يريد الشماس الموضع المعروف شمالي البلد الذي كان موضع السكنى في الأزمنة الغابرة- يا إخواني كأنه لم يسكن، إخواني: إن العز في طاعة الله تعالى، أما الدنيا فإنها تمضي على ما كانت حلاوة ومرارة، نحن لا نخشى من الناس وإنما نخشى من أنفسنا، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وهذه الدنيا وإن حذرنا منها فكلنا لا ننتهي عن الركون أليها كما قيل "الدنيا دواهي وكل عنها ناهي وهو غير متناهي" انتهى، فأحببت أن أشجعه على القيام بأوامر الله وإن كان لم يقصر، رفع الله منازله