الركون إليها ذلك بأنها خوانة فكل من حلت له فلا بد أن تذيقه العلاقم، ويكفيك شاهد الحال من موت قريب وتسلط عدو وأمراض وهموم وغموم، ولله تمام الحكمة، ولا بد لكل أحد من عن ولا يخلو شخص من شجن والابتلاء والامتحان عادة الله في خلقه ولا سيما أهل الدين والعلم، فأول ذلك ما جرى عليه من آل رشيد لما أجلى إلى النبهانية، وبعد عودته إلى وطنه ابتلي بمنافسة من بعض المعاصرين سبب ذلك سعي ذوي الأغراض من المفسدين، وما ذاك إلا لما قام به من الفضل والعلم، فبغى له الأعداء الغوائل واختلقوا له المشاكل فلا يجدون ما يتوصلون إليه إلا بالتحرش والمسبة لدى الرؤساء، وآخرة ذلك كانت العاقبة له، قال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (٥٤)} [النساء: ٥٤].
ومن ذلك أنه رأى الناس في عادة سيئة تخالف الشريعة وهي عدم تزويج بعضهم من بعض بدعوى قبيلي وضده، ولا تزال هذه العادة القبيحة جارية في نجد، فأراد رحمة الله عليه أن يجتث تلك البدعة ويقضي عليها، وبذل أسبابًا لذلك رحمةً للأمة وكشفًا لهذه العادة التي ما أنزل الله بها من سلطان، غير أن جهوده فشلت وما زال أهل الخير يجاهدون في هذا السبيل، غير أن الأمور لا تزال على وضعها وأملنا عظيم في الأمة الإسلامية أن يدعوا هذه العادة ترغيبًا لهم في المساواة والدين والوضع الديني والعربي لأن دينهم واحد وقبلتهم واحدة.
ومن ذلك أنه جرى بين رجلين منتسبين إلى الدين والخير نزاع في شأن سكنى بلدان الشرك أحدهما يحرم الإقامة في البلد المذكور لتأويلات ومسوغات جزاه الله خيرًا، وأكثر في المسلمين الرجال المتمسكين بأهداب الشريعة، والآخر يرى خلاف ذلك، وكان هذا الأخير تد تعاظم وتكلم على صاحبه بما يجرح العواطف ويسيء المجتمع، ولم يرع له حرمة فأصلح بينهما الحاضرون وسكنت المتحركات برهة من الزمن، فلما كان بعد ذلك انبعث من جديد مقصوده المشاغبة وإثارة الفتن والمحن، وقام ليسوى ثورة بدعوى نصرة الدين وأهله، وهكذا يدرك المغرضون أهدافهم