لمقاومة الغواصات، وكان منظرًا عجيبًا بحيث يذوب كل آلات الفتك والتدمير في هذا الخصم.
ولقد اعجب السعوديون بالبحارة الأمريكان وهم في ملابسهم الزرق البحرية، كما أعجب أبناء الدنيا الجديدة بالعرب وهم يرفلون في ثيابهم الفضفاضة الرحيبة المزخرفة، يروحون ويغدون في خفةٍ ونشاط، والكل في سرور بهذه الفرصة التي أتاحت لهم هذا الاجتماع.
وفي صباح الخميس الموافق ٢/ ٣/ ١٣٦٤ هـ فبراير ١٩٤٥ م، كانت المدمرة في البحيرات المرة حيث ينتظر الرئيس روزفلت في الطرادة الأمريكية كونيري استقبالًا لضيفه العظيم، وكان الرئيس على سطح الطرادة يرقب المدمرة حينما تهادت بالملك العظيم فتبادل بحارة السفينة التحيات والنداءات البحرية بالبوق، وأخذت المدمرة مرساها اتجاه كونيري، ومد بينهما جسر عبره الملك، فاستقبله البحارة وكبار الضباط ورؤساء أركان الحرب المرافقين للرئيس استقبالًا حماسيًا رائعًا، ثم سعى إلى جلالته الرئيس وصافحه وحياه واحتفى به احتفاء جدًا، وتبادلا عبارات التحية والمودة، وأعجب روزفلت بابن سعود إعجابًا لا حد له، فلقد ملأته شخصية الزعيم العربي الأكبر، وقد طابق ما سمع عنه، بل زاد عظمًا في رؤيته ثم قال له: كنت أود أن أجتمع بك قبل هذا.
ولما تناولا طعام الغداء وفرغا بدأا حديثهما في جو يسوده الود والتقدير والإعجاب، واستعرضا فيه ما بين المملكة السعودية والولايات المتحدة من روابط كثيرة يحرص عليها الطرفان ويبذلان الجهد في سبيل المصالح المشتركة بينهما، وتنمية الصلات الودية، وقال روزفلت: يجب أن يتاح لرؤساء العالم فرصة تبادل الآراء لكي يزداد تفاهمهم وتقدير كل منهآلمشاكل الآخر، ثم تناول الملك والرئيس شؤونًا أخرى إقليمية وعالمية.
وكان جلالة الملك أيده الله كثير الاهتمام بقضية فلسطين، فأبان للرئيس وجهة نظره، كما دلّ على عدالتها وصحتها ما أقنعه، فوعد بأن ينظر في ذلك، ثم تناولا بالبحث شؤونًا عربية هامة لها شأنها.