من الصباح تأهبوا مستبسلين وكل شخص قد استعد بسيفه أو بندقيته، فكانوا صفين أمام قصر الحكم في بريدة، وبعدما استكمل عددهم مشوا من ذلك الموضع ووقفوا صفين في بطن الخبيب بطول أربع كيلو، فقامت الدفوف لها لجبة عظيمة يسمع قرعها من مسافة بعيدة، وقامت فرقة السلاح الأبيض تتمايل خلف العلم السعودي، وقامت كعاب البنادق يسمع لها قعقعة، واستمر الاستعراض ست ساعات من الزمن، ثم أطلقت البنادق في الفضا، وهذا وصاحب الجلالة الملك المعظم يشاهد ذلك، ثم إنه كمل الاستعراض، ولما أن كان من الغد أعيد الاستعراض للمرة الثانية، وقامت فرق المتطوعين تعرض على صاحب الجلالة وقد استبسل أهالي القصيم وفدوا إمامهم الملك العظيم والقائد المحنك بما عز عليهم من الأنفس والأموال، وإنهم يسيرون تحت رايته الخفاقة، ولو خاص بهم البحر الخضم، ولو أمامهم النار لوقعوا فيها.
أولئك رجال القصيم الذين فضلهم لا ينكر، يشهد لهم بالتقدم في المعارك والفتوحات الإسلامية التاريخ والوقعات التي دوخت كل مكايد تقف أمام جلالة الملك ابن سعود، أو يريد الإسلام بسوء، ثم انها أطلقت البنادق في الفضا، وانتهى الاستعراض في الساعة السادسة نهارًا تزيد ثلاثين دقيقة.
وكان عدد الذين شهدوا الاستعراض واشتركوا فيه من أهل القصيم ستين ألف مقاتل من الرجال الشجعان.
ولقد أعجب الملك بهذه الشجاعة وسره ما أبداه الأهالي من التحمس والتقدم، فيا له من استعراض يذيب القلوب ويشحذ الهمم، ويثير السواكن، ثم إنه نقل المطار إلى موضع العودة الذي لا يزيد مسافته عن البلد بكيلوين.
وكان الموكب عظيمًا طنبت فيه خيام ابن سعود، وصفت السيارات والمدرعات والمصفحات والمدافع والرشاشات والمكائن النارية، ومدت أسلاك الكهرباء المنيرة موزعًا على ذلك الموضع، ونظمت العساكر والجنود ونصبت القدور، وجلبت الأدباش.