العربية جميعها، وذكر أنهم يرمون يخطوتهم هذه إلى المواطن التي نزحوا اليها قبل الإسلام للتوطن، ثم أخرجهم الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -، حتى جاء عمر فلم يبقِ منهم أحدً، إنهم يريدون إخراج العرب من مواطنهم، وسيضحون في سبيل ذلك.
ثم تكلم بعده بعض الخطباء، ثم إنه وقف محمد شطا مدير الإذاعة السعودية التي تأسست في السنة التي قبل هذه فخطب خطبةً بليغة استجاش بها الهمم، وأثار الحمية حتى سكبت الدموع من المحاجر، وباحت بما تكنه الضمائر فقال:
لقد جاءكم خبر فلسطين، لقد أتاكم نبأ ذلك الوطن الحزين، وقد زحف اليهود عليه من الأرض والسماء وساموا أهله أنواع البغي والاعتداء، ذلك الوطن الجريح وفلسطين الدامية التي صدر عليها بالأمس حكم الفئة الباغية بأن يقطعوا أوصالها ويفرقوا أجزاءها، ويمنحوا اليهود منها المروج الخضراء والجنان الفيحاء، ويتركوا للعرب القفار الصماء والجبال الجرداء، ناصروا أذل الأمم وأحط الشعوب، وأقاموا لليهود دولة، وقد ضرب الله عليهم المسكنة والذلة فامتهنوا العرب في ديارهم، والمسلمين في أرضهم وأوطانهم، فواذلاه يا أبناء العرب، واذلاه يا فوارس محمد بن عبد الله، واذلاه يا حماة الدين، واذلاه يا أنصار العروبة وقادة المسلمين.
هذه صرخات فلسطين، وهذه أنات العرب المفجوعين فجعوا في أوطانهم، وفجعوا في دينهم وإيمانهم، فجعوا في نساءهم وأعراضهم.
وإني لكأني أنظر الساعة إلى المرأة العربية وقد سقط أبناؤها مضرجين بدمائهم في سبيل الشرف، يحاول اليهود الفتك بعرضها فتناضل وتدافع وتجاهد وتكافح ثم تسقط صريعة الشرف شهيدة الكرامة.
وإني لكأني أنظر الساعة إلى القوافل من العوائل العربية يسوقها العلوج والأولاد يخرجونهم من ديارهم وأراضيهم ليحتلوها ويطردونهم من مواطن آبائهم وأجدادهم، ليغتصبوها وليسلبوهم مواريث أمجادهم ليمتهنوها، فيا لهول الفاجعة، ويا لفداحة النكبة، ويالعظم المصيبة، وأطال ثم إنه جعل يصرخ ويصيح فيقول:
ابن الشهامة العربية، أين النجدة الإسلامية، أين الغيرة والحمية، حتى أبكى