السامعين واستجاش الحاضرين، فتأثروا من كلامه، ثم إنه قام شاعر جلالة الملك وعضو مجلس الشعب الأستاذ أحمد بن إبراهيم الغزاوي فألقي قصيدة مهيجة، وكان هو الذي أخذه أول الموقف فأعلن تبرعه بألفي ريال، ثم إنه قام حسن شربتلي فأعلن تبرعه بمائتي ألف ريال باسمه، وخمسة وعشرين ألف ريال باسم عائلته، وأعلن صدقه الكعكي تبرعه بمائتين وخمسين ألفًا من الفضة، وتألفت لجان في الرياض والإحساء وغيرها، فبلغت التبرعات في أول وهلة مليونين وثلاثمائة ألف وواحد وتسعين ألفًا تزيد مئات، حتى تبرع النساء بحليهن، وهكذا اندفعت التبرعات سيلًا، وأسرعت اللجنة العليا بتحويل أول دفعة إلى مجلس جامعة الدول العربية، وذلك في أوائل ربيع الأول من هذه السنة، ودفعت اللجنة أخرى في أواخر جمادى الأولى.
ولقد نشرت جرائد البلاد العربية وصحفها فظائع اليهود، وخرجوا عليهم وأعلنوا طردهم، وأصدرت رئاسة القضاء في المملكة العربية السعودية فتوي شرعية بتاريخ ٢٧ محرم بوجوب الجهاد علي جميع المسلمين ضد اليهود المعتدين.
وكثرت التبرعات بالسيارات والأرزاق، وأخذ المتطوعون من كافة أنحاء المملكة والممالك العربية الأخرى يسارعون للسفر إلى فلسطين، وقد ذهب أولئك الجاهدون الأبطال وانضموا إلى فرقة اليرموك فكونوا الأغلبية الساحقة فيها بنسبة ٨٠ في المائة، وقامت هذه الفرقة بواجبها الديني ببطولة فائقة أقضت مضجع اليهود وأفسدت خططهم، حتى تمركزوا في أهم المراكز المنيعة وسيطروا علي أغلب المواقع الإستراتيجية بمهارة وشجاعة نادرة.
ولما كان في ٦ رجب صدر بلاغ في مكة المكرمة رسمي رقم ١٢٠ ينص على تأييد جلالة الملك التام لجميع ما اتخذ من قرارات للدفاع عن فلسطين متضامنًا والاحتفاظ بعروبتها ووحدتها واستقلالها، وإقرار الأمن والسلام في ربوعها، وإن جلالته قرر اشتراك المملكة العربية السعودية مع شقيقاتها في الدفاع عسكريًا عن فلسطين متضامنًا مع الدول العربية إلى أن تظفر فلسطين بحقها وعروبتها بحول الله مهما طال الأمل.