وما زال ابن الوزير يستغيث بالجامعة العربية حتى سألها وقف القبائل بإرسال طائرات تفرق شملهم وتنقذ عشرات الآلاف من سكان صنعاء، فما استجاب له أحد وسقطت صنعاء في يد قوات الإمام أحمد، ونودي به ملكًا وإمامًا لليمن، ولقب بالناصر لدين الله، وكان ذلك في ٤ جمادي الأولى الموافق ليوم الأحد ١٤ مارس ٩٤٩ ام، وبعد ٢٩ يومًا من ذلك أعدم عبد الله بن الوزير، وحسين الكبسي بالسيف، وانتهت الثورة، وهذه ترجمة الإمام يحيى:
هو الإمام يحيى بن محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين بن القاسم بن محمد، ويتصل نسبه بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة مقر أبي الشبلين ومثواه، كان المترجم ماهرًا وذا دهاء وعلم، ولد في صنعاء في شهر ربيع الأول ٢٨٦ اه وكان تمام سبعة وثمانين إمامًا من الزيود، ربع القامة، أسمر اللون، عالي الجبين، مستدير الوجه، وتقدم ذكر صفاته في سنة ولايته، وكان في تعلمه ودراسته أنه أخذ فنون العلم والأدب عن والده المنصور، وعن القاضي العلامة محمد بن عبد الملك الآنسي، والقاضي العلامة النحوي أحمد بن رزق السياني، والشيخ العلامة محمد بن أحمد العراسي وغيرهم، وقضي أيام صباه في صنعاء مكبًا على العلم والدراسة لا يزاول غيرها، وظل هذا شأنه حتى بلغ العشرين من عمره، ثم إنه غادرها مع والده في شوال ١٣٠٧ هـ إلى جبل الأهنوم فانصرف إلى طلب العلم مواصلًا الاجتماع إلى حملته وأقطابه، حتى ذاع صيته وفضله، ثم إنه بويع بالإمام بعد وفاة أبيه ١٣٢٢ هـ، وله قصائد حسنة، فمنها مرثيته في ابنه محمد الذي توفى غريقًا، ومن قصيدة له يدعو إلى نصرة الشريعة والدين ويحث قومه على ذلك، وهي طويلة نذكر منها:
فلت سيوفي عند حومات الوغى ... وكبت جيادي عند أن جد السرا
وعدمت أرمامي بمشتجر القنا ... وجبنت عن غزوي عدوي مبكرا